عبده الأسمري
مَن يرَ ويتمعن بصور العرض في وسائل التواصل الاجتماعي، أو من خلال تداول الحكم والعبر، يُفجع بحجم «النكران» وفاجعة «الخذلان» ومساوئ الإحباط وسوءات الخيبة في العلاقات الاجتماعية ودروس الحذر في ثنايا المصالح ونوايا الصداقات.. وسط غلبة واضحة وكفة راجحة للسوء على الخير في مجمل ما نراه..
عندما ينظر الإنسان إلى «النتائج» المخيبة للأمل من صديق أو قريب أو زميل أو متلقٍّ للمعروف أو مدين للفضل أو حتى عابر.. عليه أن يتمعن في قطبية البلاء ونوعية الابتلاء في هذا القدر من حيث الحكمة وبُعد النظر والتعامل وفق إدارة الأزمة نفسيًّا واجتماعيًّا بكفاءة عالية.. تشكل الصدمات والسوءات قدرًا حتميًّا ومصيرًا محتومًا، وُضع في طريق الإنسان؛ ليتفكر ويتدبر ويعتبر، ولكن عليه أن يتعامل وفق ما تمليه عليه ذاته وأخلاقه؛ لأن التعامل الصادر يعكس إجادته في صياغة السلوك، وإتقانه في صناعة التصرف التي تتطلب حكمة بالغة في الفعل، وبلاغة حكيمة في القول، فإن سقط في «فخ» التسرع، ووقع في «مصيدة» التهور، فإنه سيُصدر سلوكًا أعظم سوءًا من السلوك الموجَّه إليه..
على كل إنسان أن يدرِّب نفسه على احتمالية النتائج في العلاقات مع الآخرين، وفي التقاطعات مع سلوكيات الغير.. وعليه أن يصنع لذاته خارطة طريق واضحة، تعود عليه بالقناعة، وتنعكس عليه بالثبات؛ ليواجه الأزمات باستنارة «العقل» قبل ثورة «القلب».
على كل شخص تعرَّض للإساءة أن يجعل بينه وبين الألم برزخًا من القوة الذاتية، وحاجزًا من اليقين الشخصي حتى يواجه «صدمات» الحياة بروح تصبر، ونفس تصابر في سبيل «إعلاء» قيمة «الرقي» الديني و»الارتقاء» الإنساني الذي يحتم أن تطغى لغة «العقلانية»، وتهيمن حجة «الإنسانية»؛ حتى يعم اللطف، ويسمو الحلم، وينتشر الرفق، ويعلو اللين، ويسود التسامح..
الحياة مليئة بالعقبات، ممتلئة بالكربات، مكتظة بالابتلاءات.. وعلى مَن وقع في أزماتها وظروفها أن يصقل مهارات «النفس»، وأن يعيش بين طرفَي معادلة اضطرارية من استقبال السلوك، وإرسال الاستجابة.. ومَن أراد «الفلاح» عليه أن يدرس الاحتمالات، وأن يضع التوقعات، وأن يرجح كفة «التأكيد» المقترن بالنتائج بعيدًا عن سهام «سوء الظنون» الطائشة أو أعيرة «التخمين» الخاطئة.. عليه أن لا يكترث بأحاديث النفس ولا محادثات الآخرين ولا أحداث التعميم؛ ليبقى في دائرة واحدة من إدارة الذات الواحدة، ودراسة مصائر التعامل وفق الوقائع والحقائق.
يجب أن يكون لدى الإنسان خطة حياتية خاصة في تهذيب النفس، وإخضاعها لمقاييس سوءات متوقعة أو مؤكدة، وإرغامها لخوض تجارب التعايش الضرورية مع الغير حتى ينقلها إلى مساحات مستقبلية خالية من التأثير، وساحات سالمة من التأويل في محيط مسيج لحماية «حمى» الذات من نكسات جديدة، ووقاية «النفس» من صدمات متجددة شريطة أن يصل إلى ذلك عابرًا حواجز «الامتحان» معبرًا عن قيمة «الذات» معتبرًا من تجربة «مؤلمة»؛ حتى يستطيع إدارة أزماته بكل إذعان وإتقان.
الرقي سلطة كبرى، تُخضع كل جيوش «المكر» لهزائم مريرة مؤكدة؛ لأنه السلاح الأعظم لمواجهة ويلات «اللؤم»، ووحده مَن يصيب «الحاقدين» في مقتل بعيار «التجاهل» الذي يزهق مخططات «الراقصين على الجراح».
يجب أن تخضع النفس إلى نضج «خيري»، ونمو «إنساني»، من خلال نفع الناس، وإدخال السرور إلى قلوب المتعبين، وتمرير البهجة إلى وجوه المتألمين، وتسطير الفرح في أفئدة المكلومين حتى يسمو الخلق الشخصي إلى مصاف «الثبات» ومستوى «الرقي» إمعانًا وإتقانًا في السيطرة على كل مواقف الألم، والحيلولة دون تسرب الصدمات إلى أعماق الروح، وضمانًا لتقوية مناعة «الذات» لوقف هجمات محتملة أو مؤكدة من واقفين على أسوار الانتظار، وماكثين في طوابير الحسد، وباحثين عن ثغرات الضعف للنيل من النفس بإساءة أو شماتة.
حياتنا «ملكية» فردية، نتاجها من صناعتنا، ونتائجها من صياغتنا.. وحتى نصون «ملكة» التملك» علينا الحفاظ على ثباتنا بدفاع «الرقي» والمحافظة على «ثباتنا» بواقع «الانتصار» حتى يكتمل» اليقين» بدرًا في حضرة «السواء» وحضور «الرضا».