فهد بن جليد
رغم الأمطار التي شهدتها المشاعر المقدسة في أيام الحج، لم أشاهد شخصياً توقفاً طارئاً (لقطار المشاعر) أو أسمع عن إرباكٍ في خطط تفويج ونقل الحجيج بين المشاعر المقدسة، خصوصاً وقت النفرة إلى مُزدلفة عقب الأمطار، أو التنقّل من وإلى الجمرات في أيام التشريق الأكثر استخدماً، فالأمور بدت أكثر من رائعة والانسيابية في الحركة كانت واضحة تماماً مع كثافة الاستخدام والتشغيل في أوقات قصيرة بالرحلات المتعاقبة، أنا شخصياً استخدمت القطار في عدة اتجاهات بينما كانت الأمطار تهطل، وكان الشعور حينها لا يُوصف لأنَّنا وصلنا مرحلة مُتقدِّمة من هذه الخدمة، رغم العمر القصير لها في المشاعر المقدسة، وأذكر البدايات عندما كان توقف قطار المشاعر وتعطّله أحياناً (عنواناً) في سنوات التشغيل الأولى، بل ومادة مُغرية للكثير من المؤثّرين آنذاك عبر وسائل التواصل الاجتماعي ربما (للتندر عليه) و(التفكه) على مستوى الخدمة التي يفترض أنَّه يقدمها بشكل أفضل، أمَّا اليوم فهو عنوان للصمود والخدمة لكسب الرهان على الرغم من التقلّبات الجوية التي شهدتها المشاعر المقدسة في أيام الحج، والتي كانت مُقنعة لو توقف القطار - وهو ما لم يحدث بحمد الله- ورغم ذلك تظل الإشادات الإعلامية أقل ممَّا هو مطلوب ومُنتظر.
زاد إعجابي عندما ذكَّرني بعض الزملاء أنَّ هذا المستوى من الخدمة لم يكن ليتحقق لولا دخول الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار) على الخط، بعد أن أسند لها مجلس الوزراء تشغيل وصيانة قطار المشاعر المقدسة في (مايو) الماضي، و- برأيي- أنَّها كانت في الموعد وعلى مستوى التحدي، رغم الصعوبات والتحديات الزمانية والمكانية وظروف التشغيل وقصر الوقت، لتؤكد بُعد نظر - المجلس الموقر- في هذا الاختيار الموفّق، والإحلال الوطني الناجح لإدارة وتشغيل هذا المرفق الحيوي المهم، الذي تفاخر به بلادنا كأحد المشاريع الجبارة التي تقدّمها السعودية للعالم خدمةً لضيوف الرحمن، ليتم تشغيله وصيانته بأيد سعودية ذات كفاءة عالية، وبشهادة بيوت الخبرة الدولية بحصول (سار) في أبريل الماضي على جائزة السلامة الدولية عن فئة (الجدارة).
عندما نتحدث عن (سار) فإنَّنا نتحدث عن شباب سعودي واعد على مكانة علمية وخبرة عملية عالية، مُتطلع لمُستقبل مشرق ومنير لخدمة بلادنا، بخوضه تجربة مُعتبرة وناجحة لها قيمتها (الفنية والإدارية) في إدارة وتشغيل مشروع الخط الحديدي الذي يربط شمال المملكة بشرقها ووسطها، بكفاءة تشغيلية عالية، وقدرة اقتصادية فائقة، ناهيك عن تقديم الدعم اللوجستي والإدارة والتشغيل لمشروع (قطار الحرمين السريع) التجربة الأكثر تقدماً في المنطقة، كل هذا يتم بأيد سعودية شابة تستحق الإشادة والإشارة، ويحق لنا جميعاً أن نُفاخر بهم، ونعتبرهم نجوماً سعوديين لا يقلون شأناً عن نجوم كرة القدم والفن ومشاهير الإعلام، لا يكفينا من (سار) ما قدّمته اليوم في حج 1440هـ، أنا على يقين أنَّها تملك أكثر من ذلك بكثير، وستقدّم للوطن مستوى أعلى في كفاءة التشغيل والسلامة لناحية أعداد الحجاج ونوعية الخدمة في (السنوات المقبلة) لتبهر العالم، بالاحترافية العالية التي يملكها أبناء السعودية.
وعلى دروب الخير نلتقي.