مها محمد الشريف
ذكرت وكالات الأنباء أن اجتماعًا عُقد بحضور مندوبين من إيران ووفد من الحوثيين الذي يزور طهران، وسفراء 4 دول أوروبية هي ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا، ما من شك أن الأمر يدعو للريبة فهو يدل على شرعنة انقلاب الحوثي وهي دول تعلن أنها ترفض الانقلابات وفي ذات اللحظة تتناقض مع مبادئها المعلنة، فالمحاولة للتوفيق بين مصالحها ومواقفها الغامضة من عقوبات إيران واضحة.
لهذا، فإن الشرق الأوسط اليوم يعاني من مواقف متناقضة من الدول الكبرى ذات التاريخ الاستعماري، بتدخلات سلبية وأهداف خبيثة واستمرار الصراعات وزرع القنابل الموقوتة منذ الخطط الإستراتيجية القديمة، حتى يبقى الدور متبادلاً فيما بينهم في المنطقة لا ينتهي، فالسياسة الاستعمارية البريطانية لم تتغير بشكل كبير. بل استماتت في الدفاع عن مستعمراتها التي احتلتها خلال الموجة الاستعمارية الثانية، لتبسط سلطتها على حوالي ربع ساكنة العالم خلال سنة 1913.
بعدما تداعت كثير من المواقف السياسية ظل التلاعب الاستعماري حاضرًا وهو الطابع الذي يمكن وصفه بشكل عميق بالتاريخ القديم يتكرر، فكان إعلان روب ماكير، السفير البريطاني في طهران عن فحوى الاجتماع، مستبشرًا ومهللاً بعد انعقاد اجتماع السفراء مع وفد الحوثيين، وشكر ماكير الخارجية الإيرانية على استضافة المحادثات، وأضاف أنه: «من المهم الحوار وبحث المسار السياسي والأزمة الإنسانية في اليمن».
يبحث شؤون دولية مع جهة غير تشريعية مع انقلابيين قتلة مدعومين من دولة ترعى الإرهاب وتموله، ما من شك أن هذا الاجتماع احتل حيزاً سياسيًّا وإعلامياً واسعاً في الشرق الأوسط، وحضور السفراء الذين يباركون سياسة طهران التي تنتهج خطوط الاستعمار وتسير على خطاهم؟، وأنا حينما أتقدم بتفسيري هذا لا يغيب عن بالي طبعا تلك الأعباء المالية التي تعاني منها أوروبا وبريطانيا على وجه التحديد وتدهور الاقتصاد البريطاني منذ التصويت على البريكست.
لقد نقلت صحيفة الإندبندنت البريطانية عن الخبير الاقتصادي في بنك إنجلترا يان فيليجي قوله إنّ البريكست يكلف الاقتصاد البريطاني سنويًّا، منذ التصويت عليه في عام 2016، حوالي 51 مليار دولار، أو ما يعادل مليار دولار أسبوعيًّا، قدر الخبير الاقتصادي أن بريطانيا تخسر منذ التصويت على البريكست حوالي 2 % من إجمالي الناتج المحلي أو ما يعادل 100 مليار دولار خلال العامين الماضيين».
إن المحصلة السياسية والثقافية والاقتصادية الغربية على المنطقة يتمثل في السعي إلى استغلال الفوضى والاضطرابات، فقد أكدوا في الاجتماع بأن الأطراف تبادلوا في الاجتماع وجهات النظر حول حل الأزمتين السياسية والإنسانية في اليمن، مشددين على ضرورة إنهاء الحرب في اليمن في أقرب وقت ممكن، بحضور جهة غير تشريعية لا تمثل السلطة اليمنية.
بطبيعة الحال، كانت هناك حالة أخرى تناقض سفير بريطانيا في طهران وهو السفير البريطاني لدى اليمن مايكل أرون الذي قال: «إن الحكومة الشرعية اليمنية فقط هي المخولة بتعيين السفراء بالخارج، وأضاف في تغريدة عبر حسابه على تويتر أنه «ليس للحوثيين الحق في إجراء تعيينات من هذا القبيل»،
وأكد أرون أن الشخص الذي عينه الحوثيون سفيراً في طهران لا يملك الصفة الرسمية ولن يتم مقابلته، وجدد عل حد تعبيره دعم بريطانيا للحكومة الشرعية اليمنية أثناء لقائه برئيس الوزراء اليمني. إذن، لماذا تقع كل هذه التناقضات دفعة واحدة ما بين سفير بريطانيا في طهران ولقائه الحوثي وسفيرها في اليمن المؤيد للسلطة الشرعية؟..