فهد بن جليد
آخر صرعات مطاعم المندي والمثلوثة في شوارعنا، تقديم وجبة (كبسة دايت) بالدجاج أو اللحم، رغم عدم وجود معايير غذائية أو تأكيدات صحية تضمن بالفعل أنَّ هذه الوجبات (دايت) وتناسب عشاق الحمية وراغبيها، إلا أنَّ سعرها أغلى 25 % من سعر الكبسة العادية، وهذا مُبرِّر تستحق به لقب (دايت) لأنَّ القاعدة لدينا تقول كل شيء صحي سعره أغلى، فهي تحوي دهوناً أقل، دجاجاً منزوع الجلد، أو لحماً بلا شحوم، مع ضمان عدم إضافة بهارات أو مواد حافظة وأي نوع من أنواع المنكِّهات الغذائية، ولا أعرف أين دور الرقابة على مثل هذا الترويج، وكيف يمكننا بعد ذلك تناول الكبسة العادية التي تحوي مثل هذه المواد بعد اعتراف أصحاب المطاعم أنَّها غير مفيدة؟!
قبل يومين صرخ صديقي الخمسيني ونحن في رحلة صيفية قصيرة بمُجرَّد إحضار النادل الطعام قائلاً: عذراً لا يمكنني تناول أطعمة من هذا النوع فيها (زيوت مهدرجة)، متسائلاً: «كيف لبلد لا تزيد الحرارة فيه عن 30 درجة مئوية صيفاً يعتمد على أطعمة وخضروات مجمَّدة، أين الخضروات الطازجة؟ أين لحوم المراعي الخضراء؟ لماذا كل شيء هنا مستورَّد؟» حاولت تلطيف الجو -لأنَّه سيدفع الفاتورة في نهاية المطاف- وهمستُ في أذنه: «الله يرحم والديك، لا يدرون إن عيالنا هم اللي صايدين تمساح وما كلينه قبل يومين»، بعدين تعال: «أنت لك خمسين سنة تأكل الجراد وما جاك إلا العافية؟» أجاب: «صحيح هذا من فضل ربي»، وأضفت: «سبق أن أكلت ضب وجربوع؟ قال: في الصغر زمان، قلت: ألم تتناول العريكة بالسمن والعسل؟ ألا يستهويك معصوب القشطة والعسل والموز كل صباح؟ قال: نعم ولكن.. قطعتُ عليه تبريره، وقلت: «إذاً سم الله، أنت آخر من يحق له أن يتحدث عن الزيوت المهدرجة وأخواتها هنا».
لا أعرف لماذا ضجَّت مواقع التواصل الاجتماعي عندما تناول سيّاح سعوديون (تمساحاً مشوياً)؟ رغم أنَّه تصرّف فردي لا يعكس ثقافة مجتمع، بالمُقابل هناك شعوب اشتهرت بتناول (الكلاب والقطط والقرود والفيلة والثعابين والصراصير والحشرات) ولم ينكر عليها أحد، بل إنَّ آخر صرعات الموضة في المطاعم العالمية تقديم الأكل الغريب، فمثلاً في كمبوديا تقدّم (العناكب المشوية والمقلية)، ويطلق عليها الرتيلاء، وفي المكسيك يتم إكرام الضيف بتقديم (يرقات النمل) المقلية بالزبدة، وفي أريزونا العقارب الصحراوية مهدَّدة بالانقراض بسبب صيدها وتقديمها مشوية بعد تغطيتها بالشوكولاتة، ألف عافية على قلب عيالنا (التمساح) طالما أنهم (صادوا وفادوا) واستندوا على رأي شرعي يجيز أكله، واللي أعجبني أكثر حرصهم على استخدام (زيت السمسم) بعيداً عن الزيوت المهدرجة غير الصحية، على طريقة طلب (مشروب غازي دايت) بعد الفراغ من تناول (الكبسة)!
وعلى دروب الخير نلتقي.