خالد الربيعان
القنابل تسقط على هيروشيما ومدن أخرى!، تدمرت مظاهر الحياة تماماً في اليابان، انصهرت كأس بطولة الدوري الياباني لكرة القدم، كانت كأس هدية من مملكة بريطانيا أو «مهد كرة القدم» كما نعلم، لم يتبق للأندية اليابانية من لاعبيها -الذين شاركوا في الحرب العالمية الثانية- ما يمكن أن تبدأ به بطولة دوري!
كان التغيير جذرياً!، ليس تغييراً على وجه الدقة بل «طفرة»، إعادة بناء وإعمار للكرة اليابانية، تولى رئاسة اتحاد كرة القدم السيد تاكاهاشي.. كان قبلها مديراً لشركة تجارية، وكان من عاشقي رياضة البيسبول! لكنه وظف دعم الإمبراطور في كرة القدم اليابانية جيداً، وبدأ بإعمار البنية التحتية لإستادات وملاعب بمواصفات حديثة، أنشأ أجندة مليئة بالأهداف، انتهت بعودة بطولة الدوري، وإعادة اعتراف الفيفا بالمنتخب الياباني عالمياً، والاستعانة بمدرس بأحد المدارس الثانوية في تأليف كتاب «مادة كرة القدم» لتصبح هذه المادة منذ 1958 مادة أساسية في مناهج التربية البدنية بالمدارس في جميع المراحل التعليمية!
* * *
ما يحدث في الساحة الرياضية السعودية مشابه، طفرة وإنجاز وتغيير شامل، يبشر بموسم تاريخي، نجوم لأول مرة من العيار الثقيل، دعم للأندية يصل لـ2.5 مليار ريال، منصة إلكترونية لنقل المباريات، مع قرار بثها مجاناً على القنوات السعودية، دخول تقنيات عالمية للنقل التلفزي، منصة موحدة لبيع التذاكر، تطوير نقاط البيع في الملاعب، بوابات إلكترونية، بنية تحتية حديثة للملاعب ومرافق الإستاد، تدشين لائحة للاستثمار والتسويق الرياضي، عقود رعاية لرابطة الدوري بقيمة 20 مليون ريال، 16 رئيسًا للأندية السعودية بالانتخاب، تسويق الحضور الجماهيري بدعم 35 مليون ريال.
زامن هذا أن يكون لأندية كبرى مثل الهلال، الاتحاد، الأهلي: علامة تجارية وهوية لتصنيع قميص النادي وإدارة متجره، بإنتاج «وطني»، هوية مستقلة لقميص النادي لأول مرة في تاريخ الأندية السعودية نراها بدلاً من الشعارات المعتادة للكيانات الأجنبية في صناعة المستلزمات والقمصان الرياضية، وهو اقتصاد يتجاوز الـ30 مليار دولار.
* * *
تمر السنوات وتصبح اليابان قوة على خريطة الكرة العالمية، 4 ألقاب لكأس أمم آسيا تتزعم بها القارة، تأهل لكأس العالم لـ5 مرات متتالية من 98 بفرنسا حتى 2014 بالبرازيل، كان «المونديال العالمي «مناسبة «تسويق» لنجومها الذين احترفوا بعدها في أندية عملاقة كمانشستر وأرسنال وميلان وبرشلونة وإنتر، ارتفعت القيمة السوقية للدوري الياباني ليحل الثاني آسيويا «344 مليون يورو»، «طفرة» صنعت تاريخ الكرة اليابانية الحديث.
* * *
الكرة السعودية تتقدم بثبات على «طريق صحيح»، هذا أكيد، مستوى الأداء الفني وأسماء النجوم، ارتفاع للقيمة السوقية لتصبح في الترتيب الثالث آسيوياً بقيمة تتجاوز 300 مليون يورو، والتطورات الحادثة منذ عامين تقريباً في زوايا: البنية التحتية الإدارية، البنية الرياضية من استادات ومرافق، البث والإخراج التلفزيوني، زيادة وعي بأهمية التسويق والاستثمار الرياضي كان ترجمته عدد كبير من عقود الرعاية بين الشركات السعودية والأندية، كل هذا «يساعد جداً» على تحقيق الهدف النهائي كما وصفه المسؤولون بالاتحاد السعودي لكرة القدم: «استهداف تواجد البطولة في مرتبة العالمية».
* * *
في 2011 أي بعد أكثر من 65 عامًا، تلقى الاتحاد الياباني كأساً ثانياً لبطولة الدوري، من الاتحاد الإنجليزي «كهدية من أجل السلام» بدلاً من التي انصهرت في الحرب العالمية، أما آثار «طفرة التغيير» فوصلت لبناء ملاعب لكرة القدم فوق أسطح ناطحات السحاب اليابانية!
وجهة نظر
الاستمرار في بث الدوري السعودي «مجاناً» خاصة في هذه المرحلة يعتبر «تسويقًا» له، والبعد عن التشفير وضمان سهولة وصوله للمشاهد «محلياً وإقليمياً وعالمياً» هو استثمار بعيد المدى: هام للبطولة وترويجها، وخزائن أنديتها عبر الرعاية والشراكة، واللاعب السعودي وفرص احترافه عالمياً.
طفرة وإنجاز وتغيير شامل في الساحة الرياضية السعودية