أ.د.عثمان بن صالح العامر
منذ عهد المؤسس لهذا الكيان العزيز - المملكة العربية السعودية - جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته- وحتى عصرنا الجديد عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسيدي ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز - حفظهما الله ورعاهما عزاً وفخراً ومجداً وذخراً للوطن السعودي وللبيت الخليجي وللأمة العربية وللعالم الإسلامي-. أقول طوال هذه السنوات ورغم تعاقب الملوك فإن قضايا العرب كانت حاضرة في ذهنية القيادة السعودية، ومحل اهتمام كبير لديهم جميعاً سواء أكانت القضية سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو فكرية أو جغرافية أو تاريخية أو إعلامية، مع الاعتراف بتربع القضية الفلسطينية على رأس قائمة قضايانا الخارجية، وربما ضحت بلادنا بمصالحها الخاصة، ومرت بها مواقف صعبة داخل أروقة الهيئات العالمية وفي المنتديات الدولية والمحافل الكبرى مع دول عظمى لها مصالح مهمة متبادلة معها جراء التزامها بموقفها الصامد والثابت من قضايا العرب الذي لم يتزعزع أو يلين ويهتز رغم كثرة الضغوط وشدة الكرب وتكالب التحديات وإرجاف المرجفين وكذب المأججين الدجالين.
لقد كانت وما زالت المملكة العربية السعودية الملاذ الذي يلجأ إليه العربي حين يحزبه أمر، ولَم يكن منه - العربي - هذا الصنيع لولا ثقته المطلقة بأنه سيجد من يقف معه ويسانده ويدفع الغالي والرخيص من أجل تحقق ما جاء من أجله، وهذا ما حصل بالفعل من قبل ولاة أمرنا وفقهم الله سواء أكان المطلوب تسوية سياسية أو وقفة أممية وعالمية أو دعم مادي أو نصرة عسكرية أو عون إنساني أو مساعدات تنموية أو إعلامية أو علمية أكاديمية، ولذا فبلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية كما أنها قبلة العرب المسلمين الدينية فهي قبلتهم الحياتية، وما الملف السوداني الأخير والتسوية التي حصلت إلا عنوان جديد يُضاف للسجل الحافل بالعناوين الخالدة والمآثر الباقية لهذه الدولة المباركة المعطاء بلا انتظار للمقابل من أحد (المملكة العربية السعودية) التي أدركت بحق معنى أن تكون خليجياً، أو عربياً، أو مسلماً أو حتى إنساناً تطلب الغوث والنجدة والعون وتكون أنت على حق وصادقاً فيما عزمت عليه، فكان منها أن جعلت كل هؤلاء يستقرون في قلب كل سعودي يعتز بهذه الدوائر الانتمائية جراء كونه إنساناً سعودياً خليجياً عربياً مسلماً.
إننا نحمد الله عزَّ وجلَّ أن هيأ لنا قيادة عازمة حازمة تدرك عظم مسؤوليتها التاريخية إزاء قضايا عالمنا العربي وتسعى جاهدة لتحقق السلم والأمن في ربوع وطننا الكبير من المحيط إلى الخليج، ويبقى على الشعوب العربية مسؤولية الاعتراف الحقيقي (القلبي والقولي والفعلي) بدور المملكة العربية السعودية في الانبراء لكل ما من شأنه أمن وسلامة العربي ورفعة وتطور العربي وتوحّد وتراصّ الصف العربي حتى يخفت صوت الباطل ويندحر أعداء العرب المختبئين خلف أقنعة شتى وإن ادّعوا وصلاً بِنَا عرقاً وديناً وجنساً، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.