زكية إبراهيم الحجي
ما بين أردوغان وأسلافه هناك تساؤل.. هل يعيد التاريخ نفسه من خلال شخوص العثمانيين الجدد بعد مضي أكثر من قرن على القشة التي قصمت ظهر البعير للدولة العثمانية وأدت إلى سقوطها عام 1922 لينحسر نفوذها في بقعة جغرافية.. تُسمى الجمهورية التركية؟
من يقرأ سجلات تاريخ الإمبراطورية العثمانية من بداية نشأتها مروراً بتوجهاتها وغاياتها والتي استمرت لستة قرون يلحظ المنهج الذي سار عليه سلاطين الدولة العثمانية لتوسيع رقعتهم الجغرافية وتحقيق المكاسب السياسية التي تسعى إليها.. باختصار هو منهج قائم على اتباع سياسة الانتقام الممنهج وافتعال المعارك والحروب للوصول إلى مكاسبها السياسية.. والأدهى من ذلك الأطماع التي كانت مكوناً رئيسياً في العقلية العثمانية وتوارثها أحفادهم جيلاً بعد جيل إلى أن وصل هوس الأطماع إلى العقلية الأردوغانية لنجدها تتضخم تارة وتتقزم تارة أخرى حسب حاجته.
التشابه بين أردوغان وأسلافه يظهر بوضوح من خلال العديد من الأحداث والمواقف التي تشهدها بعض دول منطقة الشرق الأوسط وبعض الدول الإفريقية فما من حرب أو معركة أو فوضى تحدث في دولة ما إلا ويسعى سلطان الأوهام إلى استغلالها لتحقيق دراما إحياء الإمبراطورية العثمانية من جديد وما يدل على ذلك سياسته التي لا تخلو من التعالي الناتج عن شعور بالعثمانية التي سادت ردحاً من الزمن.. والمسلسل يطول ويطول ما يجعلنا نطرح تساؤلاً ملحاً هل ما فعله ولازال يفعله أردوغان في سوريا سيفعله في قطر.
يوماً بعد يوم تتوسع العلاقات التركية القطرية.. ويوماً بعد يوم تتوالى فصول خنوع الأمير القطري بشكل يعزز من سطوة الرئيس التركي على دولة قطر حتى باتت هذه الدولة ذات المساحة الجغرافية الصغيرة والمتخمة بثروة الغاز أشبه ما تكون بمستعمرة مُقنَّعة.. أو محمية من محميات جمهورية تركيا وشيئاً فشيئاً يعود أبناء قطر إلى نقطة الصفر ويجد أردوغان ضالته المفقودة.. فبعد ما يُقارب 140 عاماً على النضال القطري ضد العثمانيين يضع الأمير القطري مفاتيح دولته في جيب سلطان الأوهام.. وتبدأ طلائع القوات التركية تصل إلى قطر وسط استقبال إعلامي قطري وكأنه استقبال للفاتحين وذلك بعد أن بنت تركيا قاعدتين عسكريتين على أرض قطر وبغياب النخوة العربية من عروق تميم قطر هاهو يخضع للرئيس التركي الذي لا يخفي طموحه في استعادة أمجاد العثمانيين.
المطامع الاقتصادية والتوسعية التي طالما حركت العثمانيين الأوائل تظهر بصورة جلية في سياسات وتوجهات الرئيس التركي.. وتجليات الإرث العثماني كأننا نراه من خلال المفتاح القطري الذي وضع في جيب سلطان الأوهام.. وقبل أن يستفحل الأمر يبقى الشعب القطري العزيز جدار الفصل والصد.