فهد بن جليد
جمعة مباركة، أنا متأكد أنَّها ليست المرة الأولى التي تعرض فيها الزوجة مشكلتها وهي تتصل بالبرنامج الأسري -مع تحفظي على كثير من هذه البرامج ومقدميها وضيوفها- فبكل تأكيد سبق أن استشارت صديقاتها، وأخواتها، وجاراتها، وعماتها، وبنات أخواتها وبنات خالاتها ... إلخ، وشرحت، وفضحت، وفصَّلت، وبيَّنت، ربما بحثاً عن الحل في المكان الخطأ وبالطريقة الخطأ، أو نقصاً في الخبرة وعدم فهم لمعنى الأسرار الزوجية، وكيف يمكن حل الخلافات العائلية في إطارها الضيق والمحدود؟ المُثير حقاً هو رد المُستشار (بُصِ يا فندم احنا مش عاوزين الأمور تفلت من يدينا، حاولي تتفاهمي معاه بالطريقة اللي أنا قلت لك عليها، لو ما نفعش، اتصلي بينا تاني عشان الموضوع ما يكبرش)! ولا أعرف ماذا بعد نشر غسيل الخلافات الزوجية على الفضائيات؟ وهل يمكن أن يكبر أكثر من كذا؟
أوَّل خطأ -برأبي- ترتكبه الزوجة أو الزوج أو أي من أفراد الأسرة هو التوجه إلى (مشعوذي الفكر) من بعض المُتصدِّرين لحل الخلافات الزوجية والأسرية، وعرض المشكلة عليهم هاتفياً أو عبر برامج التطبيقات ووسائل التواصل الاجتماعي، دون التأكد أنَّ هذا المستشار الأسري يملك أدنى علم أو خبرة أو فهم، فظهور هؤلاء على شاشات التلفزيون وخلف (مايكات) الإذاعات، واستضافتهم في البرامج التلفزيونية والحوارية ليس دليلاً كافياً على كفاءتهم، فهناك موضة شراء واسعة لمساحات في وسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي للظهور بشكل متكرِّر للتلميع (كخبير أو مستشار) في أي تخصص، بمقابل مادي في بداية الأمر كمادة إعلانية، حتى يشتهر صيت (مشعوذ الفكر هذا) ويبدأ الناس يتهافتون عليه حتى لو كان طبيباً نفسياً أو أخصائياً اجتماعياً أو خبيراً مالياً أو مفسر أحلام، وربما أصبح نجماً علاجياً بالروح والاستشارة، بل إنَّ هناك من مشاهير حل الخلافات الزوجية والأسرية من لا يتجاوز تعليمه الأكاديمي (المرحلة الثانوية) ولكن شهرته بالطريقة السابقة، عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، جعلت بعض حملة شهادات الدكتوراه يبحثون لدى مثله عن حل لمشاكلهم الأسرية والعائلية!
دغدغة المشاعر، وتحريك العواطف، والعزف على الجراح، كفكفة الدموع، صفصفة أعذب الكلام، والتوسع في تفسير الرؤى والأحلام وعلم الغيبيات والأرزاق ... إلخ، مهارة يستغلها البعض للتكسّب المادي - بطُرق شتى- إحدى صورها (الاستشارات الأسرية والعائلية) التي لا أؤمن شخصياً بـ90 بالمائة من المتصدِّرين لحلها عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل، ونصيحتي لكل صاحب/ة مشكلة الاحتفاظ بها إن لم يقدمها للمختصين والخبراء الحقيقيين، لأنَّ عرضها على مثل هؤلاء حري بأن تكبر فوق (ما تتصوَّرش)!
على دروب الخير نلتقي.