نوف بنت عبدالله الحسين
أكثر شيء ظلمت به نفسها البشرية هو قالب المثالية! لا يوجد شيء مثالي حقيقي في هذه الحياة، كل شيء وله نقصان، وهذه طبيعة الحياة، دور البشرية هو أن يحاولوا دوماً تعديل الأخطاء التي يرتكبونها وخير الخطّائين التوّابون.
لا توجد قدسية في شخصيّاتنا، نحن نخطئ ونصيب، ونحاول جاهدين كثيراً ألا نخطئ، لكننا نقع في الخطأ، لأن الطبيعة البشرية هي التي تجعلنا دوماً في حالة دائمة للبحث واكتشاف أنواع العلاقات والأفكار والتجارب، نذهب في كل اتجاه، حتى نكتشف جوهر الحياة وخفاياها وفلسفتها.
لا أظن من يشارك الآخرين تجارب إبداعية ناجحة، وأفكارا إيجابية مذهلة يدّعي مثالية زائفة، بل العكس هو يشارك البشر أفكاراً نجحت معه بهدف أن يجربوا تجربته الناجحة ويفوزوا بنتائج جميلة.
النّقاش ليس بالضرورة أن يصب في بحر واحد، بل كلما كان هناك دلتا لاتجاهين مختلفين استطاعوا أن يصبوا في النهاية في نفس المحيط لكن بأساليب معيّنة، لا ينبغي للنقاشات دوماً أن تأخذ منحنى شخصيا، قد أختلف معك يا صديقي وقد يشتد الحوار معك، ثم تجدني أشاركك فنجان القهوة وأعود صديقك الذي لا يشبهك لكنه يحبّك ويقدّرك.
وسائل التواصل الاجتماعي أحياناً تربك العلاقات وتؤرق الأمزجة بسبب طريقة التواصل حين نطرح فكرة أو نشارك في أمر ما، كلنا نقع في تفسيرات مختلفة لأننا نختلف في طريقة تفكيرنا وتعاطينا للأمور وبحسب خبرتنا ونظرتنا للحياة، لذا يصعب علينا أن نوصّل أفكارنا كما يجب، مما يسبب شرخا في علاقة لطيفة، بينما لو كان الحوار وجهاً لوجه في جلسة لطيفة، بنفس الكلام لربما اختلفت ردة الفعل، نظراً لأن لغة الجسد والتواصل البصري كفيل جداً بأن يكمل ترجمة الموقف، وبالتالي يكون الأمر أكثر لطفاً، بل أكثر وضوحاً.
ربما أن وسائل التواصل الاجتماعي هي من جعلتنا نصنع من الأشخاص مثالية ليست حقيقية، وقدسيّة ظالمة، نقرأ الأفكار وننسى البشر، وحين يكونون بشراً نستنكر بشريّتهم ونتّهمهم بمثاليّة زائفة!...
نحن بشر، وسنظل بشرا، نخطئ ونعود نخطئ ونتعلّم من الخطأ أجمل دروس الحياة، لا يوجد أحد بقناع المثالية،كل من في هذا المجال بشر، ولم يكن مثاليا، بل كان يشارك أفكاره الجميلة معك، رغبة منه أن تكون قريباً من أفكاره التي أسعدته فأراد أن يسعدك بها.