رمضان جريدي العنزي
الدافور موقد صغير للطبخ، ويعمل على الكيروسين، والهواء المضغوط، وهو من أقدم الوسائل التي تستخدم في الطبخ، اخترعه المخترع السويدي (فرانز فيلهام يندكفيست) حيث أنتجته لأول مرة شركة بريموس في مدينة ستوكهولم عام 1892م. وانتشر في معظم البلدان العربية في أربعينات القرن العشرين وكان ينظر إليه كجهاز تقني رائع ومتقدم، حيث أراح الناس من عناء إشعال الحطب والنفخ وجرف الرماد وغبار الفحم ورائحة الدخان، ومن قوة ناره، قال فيه الشاعر:
شقرة عيونه كنها نار دافور
ترعب خصيمه بالشرار وقديحه
وقال آخر:
ترى الكلمة اللي كنها شعلة الدافور
على الكبد عميان البصاير تولعها
وقال آخر:
قل له ترانا تمدنا
كلن يولع بدافوره
والدافور عكس (الكولة) التي تعمل ببطء، ولهبها غير قوي، والطبخ عليها ممل وطويل، ونظرًا لقوة لهب الدافور، فقد شبه العامة الطالب المثابر المجتهد والمتفوق بالدافور، حتى أن هذا التشبيه انتقل أيضًا للموظف المجتهد الذي يعمل بجد واجتهاد ومثابرة، أن ثقافة الدافور يجب أن تشجع ويعمل بها، لأنها ليست شيئًا سيئًا ولا معيبًا، لا تنقص الإنسان ولا تبخسه حقه ومنزلته وقدره، إن العمل الجاد، وبذل الطاقة، هو مفتاح النجاح، وقد أوصانا الله سبحانه وتعالى بالجد والاجتهاد في العمل وذلك في الكثير من آياته {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}، ولكي يستطيع الإنسان تحقيق النجاح عليه أن يعي جيدًا قيمة الوقت ويقوم بتخطيطه وتنظيمه حتى لا يمر دون أن يقوم بأي شيء، إن تحقيق التفوق والنجاح ليس بالأمر الهين واليسير، بل لا بد من وجود المثابرة والعزيمة والإصرار والسهر ووضع الخطط والأهداف، لأنها أشياء ضرورية وهامة تضمن تحقيق المستقبل، وتنعكس بصورة إيجابية على كافة الجوانب الحياتية، التي بالأكيد تنعكس أيضاً على مستقبل المجتمعات والأمم، إن التأخر والتباطؤ والتكاسل أمراض قاتلة، وصفات معيبة، إذا اجتمعت في شخص قضت عليه، وأسلمته للهلاك والدمار، إن الكفاح المتواصل والدؤوب يزيل العراقيل والعوائق، ويمكن من صنع الأعاجيب، وبناء المعجزات، إن عظماء الناس، ورجال الاختراع والاكتشاف، خلدهم التاريخ كونهم عملوا بجد، فكروا وقدروا ومنحوا الناس والحياة أشياء جديدة، ومعطيات نبيلة، فلا أحد يصبح عظيمًا دون عمل، ولا تأتي الإنجازات الكبيرة دون كفاح، قال هينري فورد: (كلما اجتهدت في عملك زاد حظك، وبالتالي زاد نجاحك) إن النجاح لا يأتي باختيار الطريق الأسهل، إن أهمية المثابرة والعمل الجاد و(الدافورية) في العلم والعمل هي الحقيقة الجلية والواضحة في تحقيق الآمال والتطلعات، ونتائجها ستكون باهرة، فبدلاً من محاربة (الدافورين) النشطاء، وتثبيط عزائمهم وهممهم، على الجميع التوقف عن هذا اللغو والهراء، لأن الإنسان المجتهد لا يستسلم مطلقًا لهذه المقولات، ولا يلقي لها فكراً ولا بالاً.