لا شك أن الأزمنة القريبة المنصرمة قد استهلك فيها الكثير من الأفكار الناقدة والخطابات الموجهة للتيارات الإسلامية السياسية وقد استنفذت بها طاقات فكرية كانت تحمل على عاتقها محاربة التطرف بشتى مساراته وأشكاله وتحولاته.
أما الآن فقد جاء وقت تجديد الخطاب النقدي وذلك في ظل التغيير الكبير الذي يشهده الوطن بكافة الأصعدة ومنها وبشكل مؤكد معركته الصارمة ضد الإرهاب فكراً وممارسة.
وجاء دور تغيير عباءة النقد وسبر أغوار الفكر بشروط المرحلة فقد عاش حملة راية الفكر في الأزمنة المنصرمة الأمرين وتعرض أولئك الكتاب والمفكرين إلى أشد الممارسات الإقصائية والشيطنة التي ذهبت بهم إلى النبذ والإقصاء الاجتماعي بفعل أعدائهم سدنة الرأي وحملة لواء المجتمع آن ذاك.
وبطبيعة الحال عانى المجتمع أيضا من ذلك الخطاب الذي حجم أدوات الفكر وحصرها بفعل الممارسة السلطوية والمنبرية الإقصائية التي ترى بعين عوراء لكل مستحدثات الحياة ولم تتمكن من صناعة عقل جمعي للمجتمع يساعده في تجاوز المراحل الكثيرة الذي أخفق في مجاراتها بفعل حصره وتأطيره بقوالب عاطفية قاصرة عن فهم التقدم وصيرورة الحياة البشرية.
وبما أن الدولة بجميع مؤسساتها قد حملت على عاتقها محاربة التطرف بسن الأنظمة والجدية في تطبيقها فمن المهم أن يترجل قادة الفكر التنويري عن قيادة المعارك ضد من تكفلت الدولة بملاحقتهم وإزاحتهم عن المشهد والبحث في سبل تطوير الفكر المجتمعي ونقله من مرحلة التلقي إلى التحرك في مسارات فكرية وثقافية وعلمية جديدة حتى لا يعاد الخطاب العكسي وبذلك تعود مسارات النقد إلى سابق عهدها كما بدأت من قبل.
أقول ذلك لكي لا يتحول الخطاب الفكري وينحصر بنقد من تجاوزتهم المرحلة ويعاد صوت النقد التقليدي من جديد فقد تكون مثل هذه المعارك تشبه المعارك التي بلا راية !
** **
- خليل الذيابي