عمر بن إبراهيم العُمري

يجهل كثير من الشباب الذين أعمارهم دون العشرين عامًا بعض المنتجات مثل الكاسيت وأشرطة الفيديو والكاميرات ذات الأفلام التي تحتاج إلى معامل تحميض لتظهر الصورة. ولا بأس في ذلك فهم لم يدركوا تلك المنتجات وبعضهم لم يستخدمها ولم يرها قط، كثير من تلك السلع توقف إنتاجها وأصبح مآلها إلى المتاحف ومحبي التراث وصارت شيئًا من الماضي. وهذا مصير طبيعي لأي سلعة لم تعد مفيدة وفي ظل وجود بدائل أوفر وأفضل منها.

هناك من يعتقد أن التجارة الإلكترونية الآن أصبحت منافسًا سيقضي على كثير من المتاجر والسلع أيضًا وستصبح شيئًا من الماضي كما حدث للكاسيت والفيديو وسيتوجه المستهلكين إلى شراء كل شيء عبر الإنترنت، وسيفقد كثير من الناس وظائفهم وتغلق الكثير من المتاجر وتصبح خاوية.

قد يكون هناك شيء من الصحة لهذه النظرية وظهر فعلاً أثر التقنية السلبي على بعض المنتجات مثل الصحافة الورقية لكن بالتأكيد أنه ليس مخيفًا وليس هناك شيء كبير يدعو للقلق، فلا تزال التجارة التقليدية هي الطريقة المفضلة للتسوق عند كثير من الناس حيث يجد الكثير منهم المتعة في زيارة المتاجر ويشعر بالراحة عند مخاطبة البائع وتتاح له الفرصة بمعاينة السلعة بنفسه لا عبر صورة قد لا تكون مطابقة للواقع وكذلك يتجنب دفع رسوم التوصيل وانتظار وصول المشتريات. وكذلك سهولة الاستبدال والإرجاع وغيرها من الأشياء التي تتعلق برغبة وسلوك المستهلك التي لم ولن تنتهي إلا ما شاء الله.

رغم وجود الكثير من المواقع والتطبيقات الخاصة بحجوزات السفر والفنادق إلا أن هناك الكثير من مكاتب السفر والسياحة التي ربما تكون تنمو ويزداد عددها في بعض المدن، ورغم كثرة المتاجر الإلكترونية المتخصصة في الملابس والأحذية إلا أن هناك نموًا كبيرًا في مبيعات المتاجر التقليدية. كذلك سوق السينما في ظل وجود خدمات مثل Netflix وغيرها من المنافسين عبر الإنترنت.

بل إن التجارة الإلكترونية لها تأثيرات إيجابية على بعض القطاعات مثل العقارات حيث يزيد الطلب على شراء واستئجار المستودعات من قبل بعض متاجر التجزئة الإلكترونية والمنصات وكذلك على المكاتب وبعض الوظائف مثل خدمة العملاء والتوصيل والخدمات اللوجيستية. فضلاً عن التوسع في الاقتصاد التشاركي الذي أصبح بإمكان الجميع أن يعمل ويجني أموالاً من خلاله دون قيود تذكر.

حتى أن مفهوم الحصة السوقية فهناك كثير من المبالغات حوله، وهي غالبًا حسابات بشرية تخطيء وتصيب والله سبحانه وتعالى أعلم بها.

أذكر ذات يوم سُئل أحد قياديي واحد من أكبر مطاعم البيتزا عن التنافس الحاصل بين مطاعم البيتزا في السعودية فكان السائل يستفسر عن الحصة السوقية وكيف سيعملون في ظل المنافسة القوية بين كبرى مطاعم البيتزا فالوضع يصعب على المتنافسين، فجأه الجواب أن الحصة السوقية لمطاعم البيتزا في السعودية في اتساع وأن الطلب يزداد مع الوقت والمجال يتسع لجميع المطاعم الموجودة بل حتى لمطاعم أخرى جديدة.

ملاحظة: جميع ما ذكر في المقال أعلاه مبني على خواطر وملاحظات شخصية قد تصيب وتخطئ وليس من خلال دراسات متخصصة أو إحصائيات دقيقة. ولكن الذي أعرفه أن هناك إحصائية حول مبيعات التجارة الإلكترونية في الولايات المتحدة التي أصبح التسوق عبر الإنترنت متاحًا فيها منذ التسعينات الميلادية، حيث بلغت حصة التجارة الإلكترونية حتى شهر فبراير 2019م بنسبة 12 في المائة من إجمالي مبيعات التجزئة فقط لا غير.