إيمان الدبيان
الزمن لا يعود للوراء إلا في مُخيلتنا وذاكرتنا والواقع لا يربطنا بالخيال إلا في أحرفنا وحديثنا ولكن؛ في سوق عكاظ أحد أشهر الأسواق في الجاهلية وصدر الإسلام، عدنا للماضي من خلال الواقع الذي شاهدناه ولمسناه في حفل انطلاق السوق يوم العشرين من أغسطس لهذا العام تحت رعاية مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، هذا السوق الذي أحيته الدولة السعودية بعدما توقف لمدة 1300 عام حيث تم تشكيل لجنة من الجغرافيين والأدباء لتحديد مكانه الصحيح الذي يقع بين وادي نخلة وحاضرة الطائف بمكان يسمى الأثيداء، وأصبح مَعْلَمًا تاريخيًا، وأدبيًا، وسياحيًا.
سوق عكاظ الذي بدأ منذ عام 501 للميلاد يجتمع فيه العرب كل سنة لمدة عشرين يومًا من أول شهر ذي القعدة للتبادل التجاري والتفاخر بالشعر والأدب لذلك سمي بعكاظ لأن الناس يعكظ بعضهم بعضًا، وقد اجتمع الناس هذا العام وفي مقدمتهم الأمير خالد الفيصل فطُرحت القصائد وكُرِّم الفائزون، وصدحت مع تغريد طيور الطائف، ونسائم هوائه أجمل ألحان الأغاني، وأروع شيلات الطرب عندما سمعنا
(طِقّ الطبل عرضة وسيف وألعب مع الشيلة طرب
البيرق يغطرف هواه والناس بالعز انتشت)
نعم انتشينا، وطربنا، وافتخرنا، بما وجدنا في سوق عكاظ من تطوير، وتقدم، واهتمام، وعمل للأفضل في كل سنة منذ تولّت إمارة منطقة مكة المكرمة الإشراف عليه لمدة عشر سنوات وإلى هذا العام الذي يُشرف عليه شخصيًا رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، فهناك تنوع في الفقرات وتعدّد في عرض مختلف الثقافات العربية لعدد من الدول المشاركة، فمن خلال هذا الحدث المميز استمتعنا ببعض تراثنا العربي القديم، وبمعلقات الشعر الأصيل مطعمًا بتقنية وعلم حاضرنا العظيم، وأدب وشعر عصرنا الجميل.
سوق عكاظ فرصة حضور ومشاركة للجميع المرأة والرجل، والشيخ والطفل، للحرفيين والرسامين، لعشاق الفروسية والرياضين، لأهل الشعر والفن والمغنيين، للتجار والكتاب والمثقفين، كل ذلك تحت مظلة واحدة، وفي مكان واحد بيسرٍ وسهولة وسلاسة، بأمن واطمئنان وراحة، ولا نملك إلا الشكر للجهات الراعية والمسؤولة ونطمح بالمزيد والأجمل في كل الفعاليات المقدمة والمطروحة.