فهد بن جليد
لا أرى مُبرِّراً لحالة التشاؤم والتخوف التي تنتاب بعض المُعلقين في المجالس أو على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي حول التطورات الجديدة والمُتلاحقة في كل ما يخصُّ المرأة وحياتها في المجتمع السعودي، فأنَّا شخصياً ضد من يصوِّر الأمر وكأنَّه صراع بين (الرجل والمرأة) في مجتمعنا من كلا الطرفين، فتخوف بعض الرجال من الأيام القادمة ووصفها بأنَّها حُبلى بتمرُّد النساء أمر غير مُبرَّر، وتخوف في غير مكانه الصحيح، أراه نوعاً من الجبن والتخوين والرهاب النفسي والاجتماعي من المرأة بتأثير سنين من الصورة النمطية السابقة، بالمُقابل نشوة النصر المُبالغ فيها عند بعض النساء في -غير محلها- من وجهة نظري، فالأمر يستحق الفرحة والبهجة، وبكل تأكيد هي لحظات تاريخية تكتب (بماء الذهب) لصانعيها ومن يعيشون تفاصيلها، فوجود المرأة (الأم، الزوجة، الأخت، الابنة) مُتمتعة بكامل حقوقها وقوتها، ككيان مستقل في المجتمع ليس في حاجة (عنصر آخر) حتى يتمتع بحقوقه الشخصية التي كفلها له الشارع الحكيم والفطر السليمة، وهو أمر يسعد الشرفاء من الرجال ويزيد بهجتهم واطمئنانهم، أمَّا (تكبيل المرأة) بقيود وأنظمة تحدُّ من قدرتها وتحجم دورها فهي فرصة (الضعفاء) الذين يستمتعون ويتلذَّذون بمثل هذه الحاجة والوسيلة التي تمنحهم قوة غير مستحقة، فالله منح الرجل (القوامة) ليكون سنداً وعوناً للمرأة في معترك الحياة وحامياً لها من المخاطر والمصاعب، لا (سيفاً) مُسلطاً عليها، ومعطلاً لتطورها وتقدمها، وهو التوازن الذي يجب أن تلعبه المرأة اليوم بإظهار الجانب الإيجابي للاستفادة من هذه التطورات والأنظمة لإثبات (جدارة المرأة بها)، وأنَّها جاءت لخدمتها وهي تصبُّ في مصلحة الجميع لعلاقة صحيحة وسليمة بين جميع الأطراف.
القراءة الصحيحة للمشهد وما حصلت عليه المرأة السعودية من حقوق وتمكين في المُدَّة الماضية، إنَّه يزيد من التماسك الأسري والعائلي أكثر من ذي قبل، ويخلق منصات تنافس شريفة تبعث على الاطمئنان عندما يتم التعامل معها كمُستجدات جديرة بالاهتمام عند تربية الفتيات ونشأتهن من الصغر، الحياة تقوم على الثقة المُتبادلة في (النفس، وبين أفراد الأسرة، وفي المجتمع) فالمرأة في صورتها الجديدة أقوى من ذي قبل، وهي جديرة بهذا الاهتمام وهذه الثقة، وستتحمل المسؤوليات الجديدة وتتعامل معها بالشكل الإيجابي الذي يعكس دينها وتربيتها وشخصيتها وأخلاقها، فالتنظيمات الجديدة لمنح المرأة مساحة أوسع من المُشاركة المجتمعية مع القدرة على إدارة شؤونها الشخصية واتخاذ قرارتها الخاصة دون الحاجة لرجل، تؤكد معنى العشرة بالمعروف، وتجعل الكرماء يكرمون نساءهم أكثر، أمَّا (اللئام) فلن يغير من سلوكهم ولا مواقفهم قرار، بقدر ما يحدُّ من تسلطهم على النساء ويردعهم من الظلم.
من المبكر الحديث بشكل نهائي عن الصورة الجديدة للمرأة السعودية في مجتمعها، فما زال الحدث يتشكل أمامنا، وما زلنا نعيش بواكير هذا التطوير والتجديد الذي حملته رؤية الوطن 2030 بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- وكلي ثقة أنَّ المرأة السعودية ستكون على الموعد، لترينا من نفسها خيراً بثباتها وقوتها وأخلاقها ودورها في البناء والتنمية (كصمَّام أمان) وحاضنة للأسرة والمجتمع بأكمله.
وعلى دروب الخير نلتقي.