د. محمد عبدالله الخازم
خطوة ممتازة تأسيس أكاديميات فنية لكن العنوان يسأل، لماذا تتولى تأسيسها وزارة الثقافة؟ لنشرح وجهة نظرنا في هذا الجانب بدءاً بالجانب الاقتصادي. تأسيس أكاديمية أو كلية يعني أرض 20-30 ألف متر مربع، قاعات دراسية ومكتبة ومسرح وكافتريا ومواقف وشؤون إدارية ومالية وتسجيل وغير ذلك من المتطلبات. بمعنى آخر يحتاج 300-500 مليون ريال كلفة التأسيس، إذا افترضنا مقرات عادية بعيداً عن أي جماليات واعتبارات أخرى. هذا في حال أسست الأكاديمية بشكل مستقل عن طريق وزارة الثقافة، أما في حال تأسيسها بإحدى الجامعات القائمة فإن كلفتها ستكون 15-30 مليون ريال فقط لا غير، حيث لن تكون بحاجة إلى مكونات البنية التحتية أعلاه. يمكن اختصار التكاليف وكذلك الزمن المطلوب لبدءها.
الجامعات لديها الخبرات والأنظمة الأكاديمية الجاهزة وبعض ما تريد تأسيسه وزارة الثقافة له شبيه يحتاج تطويرًا في الجامعات، مثل التراث أو المتاحف. كما توجد أقسام الإعلام ويمكنها دعم أقسام إخراج سينمائي وصناعة سينما وغيرها. بل إن لدى الجامعات علاقاتها وسمعتها الدولية وبإمكانها إحضار أفضل البرامج. يمكن بدء استقبال الطلاب فوراً لدراسة اللغة الإنجليزية ريثما يتم تأسيس المناهج وإحضار الكادر التدريسي، وقد أسسنا برامج لأول مرة تقدم في المملكة بتلك الطريقة. الجامعات تخضع لاعتمادات أكاديمية معتبرة وهذا يعزز جودة ما تقوم به.
وزارة الثقافة كونها مسؤولة عن الثقافة لا يعني أنها مسؤولة عن التعليم والتدريب، حيث مهمتها تحفيز الأنشطة الثقافية وتنسيقها وتنظيمها. تصوروا كل قطاع يؤسس أكاديمية في مجاله! بل أشير إلى أقرب التجارب في هذا الشأن، ألا وهو ما قامت به هيئة السياحة، حيث بدأت من الصفر وكانت بحاجة إلى كوادر لكنها لم تذهب لتأسيس أكاديمياتها بل جلست على الطاولة مع مسؤولي التعليم العالي والجامعات وأبرزت احتياجات فقامت الجامعات الحكومية والأهلية بتأسيس كليات السياحة والفندقة المختلفة. لقد كانت هناك تجارب أكبر من ذلك تمثلت في تأسيس وزارة الصحة كليات صحية ووزارة التربية كليات تربية، وبعد عقود من التجريب أرهقت تلك الوزارات لأن التعليم ليس مهمتها فنقلت تلك الكليات لوزارة التعليم التي ألحقتها بالجامعات.
على وزارة الثقافة المبادرة بطرح متطلباتها من المخرجات وعلى وزارة التعليم والجامعات القيام بمهمتها في تخريج الكفاءات المطلوبة. لا أعتقد أنها إشكالية جلوس الطرفين للحوار والنقاش في هذا الشأن. أقدر حماس وزارة الثقافة والقائمين عليها ورغبتهم في الإنجاز وهذا ديدن الهيئات الجديدة مثلهم ومثل هيئة الترفيه، لكن أنصحهم؛ لا تحملوا أعباء غيركم ولا تشتتوا جهودكم في كل اتجاه، وفروا المنح الدراسية، ادعموا الجامعات الأهلية والحكومية، اطرحوا احتياجاتكم وطلباتكم الأكاديمية والتدريبية وعلى التعليم والابتعاث والجامعات تنفيذها لأن هذا دورهم، وإن رغبتم فليكن هناك اتفاقيات تجعلكم ممثلين في مجالس الكليات والأكاديميات التي تؤسسها الجامعات.
ألخص بأنها مسؤولية الجامعات تأسيس أكاديميات أو كليات أو برامج تخدم احتياجات وزارة الثقافة، مع عدم الاعتراض على تقديم وزارة الثقافة برامج تطوير مهنية متخصصة وتعليم مستمر في مجالاتها، سواء محلية أو أجنبية.