خالد بن حمد المالك
في سوريا يقتل نظام بشار الأسد ومعه الروس المدنيين بالمئات، وبينهم نساء وأطفال، ومن لم تصبه آلة الحرب قتلاً، فليس أمامه إلا الفرار من بيته للنجاة بحياته إن تمكن وعثر على ممر آمن.
**
وفي إسرائيل لا قيمة عندها للمدنيين أو للمنشآت المدنية والإنسانية من مدارس ومستشفيات، بما في ذلك مقرات الأمم المتحدة في حربها مع الفلسطينيين، فالأبرياء يموتون يومياً، ومن قدر له النجاة، فقد يصاب بعاهة تُقعده مدى الحياة.
**
ومع ذلك فلا صوت يحتج، ولا مساءلة أو محاكمة للقتلة والمجرمين، ولا حتى مطالبة بأن يتجنبوا في حربهم المساس بحياة الأبرياء من المدنيين، وكأن إسرائيل كما هي روسيا ونظام بشار تملك الحق في الإفراط باستخدام السلاح القاتل لوضع حد لحياة هؤلاء الأبرياء.
**
فقط في اليمن، فالموقف الدولي من التحالف يرصد كل من يقتل من المدنيين ولو بطريق الخطأ، حتى ولو كان قتلى الحرب من المدنيين لا يمثل عدداً يثير الرعب كما هو في إسرائيل وسوريا، لكن هكذا هي العدالة الدولية المزعومة، تتعامل مع هذا النوع من الحروب بمكيالين، دون حياء أو خجل أو إنسانية.
**
نعرف ويعرف العالم أن من سقط في اليمن من المدنيين عددهم لا يكاد يذكر، والسبب لمن قتلوا أن ميليشيا الحوثي تختفي برجالها وأسلحتها بين المدنيين، مما أبطأ في نهاية الحرب، وتسبب فيمن قتل من الأبرياء، ونعرف ويعرف العالم أن التحالف لا يتردد في تحمل المسؤولية، وإجراء التحقيقات مع كل خطأ من هذا النوع.
**
فأين مجلس الأمن، وأين الأمم المتحدة، وأين الدول الكبرى مما يجري في إسرائيل وسوريا، ولماذا هذا التركيز على التحالف واليمن، بل أين الموقف العادل من الضحايا الأبرياء الذين قتلهم الحوثي بأسلحة إيرانية، داخل اليمن وخارجها؟
**
نعم الحروب في جميع الأزمنة والأمكنة والعصور خرجت بحصيلة من الأبرياء الذين قتلوا دون وجه حق، لكن هناك أسبابا يجب أن يتم التفتيش عنها، وإخضاعها للدراسة والاستقصاء ضمن توثيق ما قد يكون قد حدث بالصدفة وعن خطأ غير مقصود، وتلك التي تكون عن عمد وترصد وسابق إصرار.
**
لقد بدأت الحرب في اليمن لإقصاء الانقلابيين وتمكين الشرعية من الحكم، وعلى إيقاف الاعتداءات على دول الجوار، وخاصة المملكة منذ أكثر من أربع سنوات، وكل هذا كان حفاظاً على الأبرياء من المدنيين، ولولا هذا الموقف الإنساني الذي لم يُقدر من الآخرين لكان بإمكان التحالف بقيادة المملكة حسم هذه المعارك بأيام، ولكن لتفادي سقوط المزيد من الضحايا المدنيين، - وهو ما تجتنبه قوى التحالف - تأخر الحسم.
**
وأمام هذه المعطيات، لابد من سياسة جديدة، وتكتيك جديد، وفرز لكل الخيارات المتاحة، واختيار المناسب منها لإغلاق هذه المعركة بهزيمة الحوثي ومؤيديه من إيران وقطر وغيرهما، حتى لا تخسر اليمن أكثر مما خسرته، وحتى يعود إلى البلاد الهدوء والاستقرار والوحدة الوطنية من الشمال إلى الجنوب.