سعد بن عبدالقادر القويعي
عندما يؤكد أمين عام رابطة العالم الإسلامي -الشيخ الدكتور- محمد العيسي في أول خطبة جمعة لأكبر مسجد في أوروبا، بأن: «هناك مناهج متطرفة حاولت في أزمنة قريبة توظيف رسالة المسجد؛ لخدمة جنوحها الفكري، غير أن الوعي الإسلامي واجه هذا الانحراف، ولا يزال، معتمدًا على نصوص الشريعة، وصحيح تأويلها، ومعرفة مقاصدها»، فإن في ذلك إشارة إلى فضيلة من الفضائل السامية، وقيمة من القيم الإسلامية، المستمدة أساساً من القرآن الكريم، والسنة المطهرة؛ باعتبار أن القيم الإنسانية، هي التي تشكل القاسم المشترك بين مختلف الأديان، والحضارات؛ كونها نابعة من حاجة الإنسان الفطرية، بصرف النظر عن انتماءاته، وبغض النظر عن اللون، والعرق، والجنس، والمعتقد.
التعايش، والتسامح، مفهومان إسلاميان أصيلان، ومبدآن ثابتان، يصلح أن يكونا أسسا للقانون الدولي في مجال العلاقات الدولية، والتعاون الدولي؛ لما فيه الخير، والأمن، والسلام للبشرية -جمعاء-. ومن جانب آخر، فإن المحبة، والتعايش، واحترام الآخر، تعتبر صمام أمان لحماية الأوطان؛ الأمر الذي يتوافق مع مبادئ التسامح الذي اعتمده المؤتمر العام لليونسكو في سنة 1995، والذي يوضح، أن: «التسامح لا يعني المساومة، أو التنازل، أو التساهل، بل التسامح هو -قبل كل شيء- اتخاذ موقف إيجابي، فيه إقرار بحق الآخرين في التمتع بحقوق الإنسان، وحرياته الأساسية المعترف بها عالميا».
كنموذج عالمي للتآلف، والاحترام، وتقبل الآخر ضمن إطار رسمي، يدعم، ويرسخ جذور هذه القيمة الإنسانية السامية، فإن الإسهام في تقوية أواصر التعاون، والتآلف بين أبناء الأمة الإسلامية، وتكريس مبدأ الوسطية، والاعتدال، ونشر قيم الإسلام السمحة، والبحث عن نقاط الاتفاق، والالتقاء، ورأب صدع الخلاف، وإماتة العنصرية، والكراهية المؤدية إلى العنف، والقتال، سيكون -بلا شك- منطلقا للتعاون، والائتلاف، وأساسًا مهما لتعزيز علاقات الخير، والتسامح، ومبادئ الاحترام، والولاء، والانتماء للوطن، وذلك في جو من الإخاء الإنساني، والتسامح بين كل الناس؛ بصرف النظر عن أجناسهم، وألوانهم، ومعتقداتهم، وأوطانهم.