د. خيرية السقاف
الحصاد الفعلي من المؤسسة التعليمية لا يأتي في طرفة عين، حين يكون حجمها الزمني ليس أياما، أو شهورا، أو سنوات قليلة..
فالمؤسسة التعليمية هي «سِفْرٌ» ضخم لجهود متواصلة، وجذر راسخ لبذرة صحيحة، وجذع ينوف بغصون تثمر، كتابٌ حين يُشرع ففيه كلُّ الحياة، وفيه كلُّ الأنفاس، وفيه بصمات السير، وجداول ماء العيون..
وحين تكون المؤسسة التعليمية كهذا المصنَّف الساهر على إنجازه مؤلِّفُـه ليالي طويلة، وأياماً كثيرة، وقد أخذ منه جزءًا من عمره، وردحًا من زمنه، وماءً من عينيه، وشغفه الراكض، وزخمه الناطق، كي يفرغ ما في جوَّانيته من مخزون معرفي، ومكنون فكري، ونبع وجداني يضفي عليها ذاته، ويختم بها بصماته، فإنها تكون كالمصَنَّف الذي تُؤسَّس عليه المعرفة، وتُبنى عنه العقول، وتُروى به النفوس، وتنير به المسالك، وتقام به الأوتاد..
ألا يقولون إن العلم نور؟، وإن الكتاب سبيلٌ لهذا النور؟..
فكما المدرسة «كتاب» يُصنَف، يحتاج إلى الوقت، والجهد، والمخزون،
وكما الكتاب عملُ ساهرٍ، ونتاجُ فاعلٍ، وثمرُ زارع، وعجينةُ كادحٍ، ولقمةُ مستفيدٍ، وفكرةُ متلقٍ، وسلوكُ مستنيرٍ، وبوصلةُ مهتدٍ؛ فإن ما يجري في «وزارة التعليم» الآن تحديدا في إعادة تصنيف «كتاب» التعليم في الوطن..
وإن هذا العمل الكبير المتقد، المتجدد، الفعال يستحق التقدير بكل تفاصيله لما سيؤول إليه من نتاج، وأثر، وفعل على أرض الواقع من خلال ما ينتجه من عناصر من يتلقى فيها ما في هذا الكتاب، بجهود كل أفراد المؤسسة دون استثناء.
إن ما نلمسه، ونراه من كفاحٍ دؤوب، وتجديدٍ فاعلٍ، وتغيير جذري، وإضافات مؤثرة، ونفض للغبار، وترسية للجذور، وتنمية للفروع، وإرواء للثمار، ومواكبة لخيوط شمس المعارف، والمهارات، والتفكير، والخبرات، والتقنية، من الخطط، والمضمون، والتنفيذ، والتقويم، باتباع جديد فاعل، وأخذٍ بمعيارٍ دقيق، وتأسيسٍ لمنقض تهاوى، ورفع لأوتاد تثبت في «وزارة التعليم» بجهود التربوي القدير وزيرها الطموح يتطلب التقدير، والصبر،
كما يتطلب التريث في انتظارٍ شغوف حتى نقرأ ما في طيات كتابها حين تكون كل نقطة فيه عنصرًا بشريًّا يواكب الحياة، ولا تهزمه فيها خبراته.