خالد الربيعان
كُنَّا نهرول مسرعين لنشاهد البرازيل.. إنها المباراة الأولى للمنتخب الأصفر الكناري في مونديال كوريا واليابان.. نتابع بعيون مفتوحة وقلوب منسجمة بالفعل: «أوركسترا فنية».. «عزف منفرد متفِّرد».. الجمال يتسرب إليك من أقدام كتيبة الـ«راء».. رونالدو نازاريو، ريفالدو، رونالدينهو، روبرتو كارلوس، وباقي الرفاق دي نيلسون ولوسيو وكافو وجونينهو! إبداع كروي يترك لديك نشوة مماثلة لتجربة مشاهدة و«تمعُّن» أمام تمثال روماني بديع النحت خرج للتو من بين أصابع فنان عبقري نصف عقله في الأرض والنصف الآخر في الفضاء!
***
في 2014 تغير الحال تماماً، أين اختفت البرازيل لا نعرف!.. هرب طائر الكناري الجميل ليختفي في الغابة المظلمة!، وفوجئ العالم بـ11 لاعبًا عاديًّا يرتدون قميص البرازيل التاريخي! ثم ينهزمون على أرضهم في قلب البرازيل -ستاد مينيراو- بسباعية لم تحدث من قبل ولن تتكرر من بعد!
كان «نيمار» هو النجم الأوحد للبرازيل! ورفع البرازيليون في المدرجات عشرات الآلاف من وجه «نيمار» الكرتوني على وجوههم احتفالاً به! كان هذا بالطبع قبل أن يستقبل خوليو سيزار الحارس البرازيلي قذائف ومدفعية الألمان بقيادة كروس ومولر وكلوزه طوال الـ90 دقيقة، سبع منها أحدث شروخًا ودمارًا لن ُيمحى من التاريخ الرياضي البرازيلي، فماذا يحدث في كرة القدم!
***
الكثيرون يسألون السؤال السابق وقد يكون منهم أنت!، ويمكن الرد أنه قد تبدلت كرة القدم تبديلاً، وتبدلت المهارة بالسرعة، والفنيات والإبداع: بالقوة والتحمل، ذهب زيدان وانزاجي وبيركامب وبيرلو وبيكهام وجيرارد، وإنييستا قبل أيام، حتى روبن! ورونالدو الكبير «الظاهرة»، وفي الطريق «الصغير» أي كريستيانو الذي يدخل عامه الـ35! ويلحقه ميسي، لم يتبق من جيل المبدعين والقامات سوى زلاتان إبراهيموفيتش الذي يحمل رسالة «الجمال في كرة القدم» في القارة الأمريكية بمفرده!، هذا هو الوضع الآن، ثم هناك المال، الكثير جداً منه! بعضهم ينفقونه بالملايين ولا يحققون إنجازاً، وهناك البعض يتحرق إليه ليفعل شيئاً به ولو شراء لاعبين بربع ثمن لاعب كهذا النيمار!
لا تنس أيضاً أن هناك الكثير من «عدم التعقل» -وهو الوصف المهذب لـ«الغباء»- لدى رؤساء الأندية العالمية، فأنت ترى برشلونة يستغني عن نيمار بأكثر من 220 مليون يورو من خزينة باريس سان جيرمان، ثم الآن لا حديث سوى عن محاولات برشلونة استرجاعه!، والسيد نيمار لا يرد، ولا يحضر التدريبات في باريس، والراتب تدفعه الخزينة القطرية «طبعاً»، 25 مليون يورو أجور أسبوعية حتى الآن بدون أن يلمس الكرة، والعالم الرياضي بإعلامه ومتكلميه ومشجعيه على انتظار تراه في السوشيال ميديا والمواقع الإخبارية، حتى «يحن» قلبه على الجماهير الباريسية لو لعب، أو الجماهير الكتالونية لو رجع!
أما ريال مدريد فيريدون التخلص من جاريث بيل! بعد أن فجَّروا به السقف المالي لصفقات اللاعبين في 2013 بجعله أغلى لاعبي العالم بـ100 مليون يورو، رغم أن أداءه جميل، وله أهداف «عالمية» في بطولات كبيرة! كهدفه المقصِّي في نهائي دوري الأبطال، ولكنه مع ذلك لا يرضي طموح السيد زيدان، نتكلم عن إدارتي قطبي إسبانيا وعملاقين وسط كبار أوروبا والعالم! فما الحال بالسياسة المالية والتعاقدية في أندية أخرى.