فهد بن جليد
اليوم نعيش ختام فعاليات موسم الطائف، الذي نجحت هيئة السياحة والتراث الوطني في تنظيمه والإشراف عليه بكل اقتدار، بعيداً عن الإثارة المفتعلة للترويج له، بل جعلت الفصول والصفحات الجديدة في السياحة السعودية التي لم يعهدها الطائف وأهله سابقاً تقدم (نفسها بنفسها) وتخضع للتقييم والقبول والرفض من الجميع، لتحصل على تأييد وتكاتف المجتمع المحلي وتقبله لهذا التطوير والتجديد، بانخراط أفراده شباباً وشابات ضمن هذه العملية التطويرية كجزء فاعل ومرتكز رئيس تعتمد عليه العملية التطويرية. صحيح أنَّ الموسم ينتهي اليوم ولكن آثاره ومفاهيمه وما زرعه في نفوس الأهالي والعاملين والمستثمرين والزائرين سيبقى طويلاً، وسيُسهم في خلق وتقديم فرص قادمة في المواسم والمناسبات المقبلة التي يحتضنها الطائف (مصيَّف العرب).
هذا النوع من الاستثمار في الإنسان قبل الأرض، وتقديم فُرص المشاريع السياحية المربحة والمغرية أمام المُستثمرين -برأيي- هو ذكاء من هيئة السياحة والقائمين عليها، فما تم بذره في موسم الطائف 2019 حتماً سيُثمر في المواسم القادمة عندما يعود الزائرون لمصيَّف العرب ويجدوا تطوراً كبيراً عند جميع مقدمي الخدمات من المنظمين والعاملين والمتطوعين، مع تفهم واستيعاب وترحيب أكثر من إنسان الطائف ورجل الشارع العادي لهذا الموسم وفوائده التي يجلبها مع قدوم المزيد من السياح والزائرين، إضافة للقفزات المتنوعة المنتظرة في المشاريع السياحية والإيوائية والبنى التحتية لتتناسب أكثر مع حلم (طائف المستقبل). وهذا من أسرار حصول الموسم على العلامة الكاملة بشهادة الجميع، رغم التقاطعات والتحديات الزمانية والمكانية التي رافقته بتوافق أيامه الأولى مع موسم الحج، والتي يمكن استثمارها بشكل مختلف وبأفكار وفعاليات جديدة (النسخ المقبلة)، إذا ما علمنا أنَّ موعد سوق عكاظ السنوي هو في هذا التوقيت تحديداً مُنذ فجر التاريخ.
موسم الطائف تميَّز بدعوته واستضافته لأعداد كبيرة جداً من المثقفين والكتاب والصحفيين العرب من كل مكان، والذين اتفقوا وكتبوا عن جمال وبهاء الطائف وقيمتها التاريخية والجغرافية ومشاهداتهم وآرائهم وانطباعاتهم الشخصية، وهذا اختبار حقيقي وعملي له (قيمته ومعناه) عندما تعرض (نفسك وعملك ونتاجك) على كل هذا الكم من الأقلام وعدسات المصورين، لتفوز وتحظى بتأييدهم وقبولهم وإعجابهم بما رأوه ولمسوه بأنفسهم على أرض الواقع، الطائف وضع نفسه على خارطة (مواسم السعودية) كرقم وموعد سنوي مهم يترقبه معنا (أحد عشر بلداً شقيقاً) للمُشاركة في فعالياته. فإن كانت هيئة السياحة والتراث الوطني قد ارتدت (ثوباً جديداً) يليق بمستقبل السعودية، فإنَّ الطائف وموسمها قد (طرَّزته) حتماً بأجمل الخيوط والألوان.
وعلى دروب الخير نلتقي.