محمد سليمان العنقري
شهد الأسبوع الماضي تدشين أول مشروع بمدينة الرياض لمدرسة تعنى بتعليم الطفولة المبكرة، برعاية من أمير منطقة الرياض صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز، فهذه المدرسة هي من ضمن ما يُعرف بالمدارس الصينية المتعثرة منذ حوالي ثمانية أعوام، لكن تم إنهاء مشكلتها بعد تولي وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ الوزارة منذ ثمانية أشهر، إذ وضعها من الأولويات المستعجلة للوزارة، وقد أوكل لشركة تطوير المباني التعليمية المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة بالإشراف على استكمال هذه المشاريع التي يبلغ عددها حوالي 102 مشروع منها 74 بمدينة الرياض.
إن إنجاز هذه المشاريع التعليمية المتعثرة هو من باب رفع كفاءة الإنفاق والاستفادة من هذه المباني لزيادة الطاقة الاستيعابية للطلاب بالمناطق كافة، إضافة إلى أن ما كان قد أنجز بهذه المشاريع لم يكن بنسب قليلة، ولذلك فإن بقاءها دون حل وعدم السرعة في تشغيلها يعد هدراً مالياً متعدد الجوانب. فبخلاف ما أنفق عليها دون فائدة في السنوات التي تعثرت بها هذه المشاريع، فإن أهالي الأحياء التي يفترض أن هذه المدارس أُنشئت لخدمتهم ولم يتم تشغيلها، فإنهم تضرروا من مشهد سلبي لمبانٍ غير منتهية، إضافة إلى اضطرارهم لتسجيل أبنائهم بمدارس إما أبعد أو مكتظة بالطلاب أو بمدارس خاصة يتحملون معها أعباء مالية تضغط عليهم مادياً، إذ إن هذه الصروح التعليمية لم يقرر بناؤها إلا لحاجة سكان الحي مع النمو الكبير الذي تشهده مدن المملكة وارتفاع نسبة من هم بسن الدراسة لحوالي 50 % ممن أعمارهم دون الـ 20 عاماً.
فبداية انتشار هذا النظام التعليمي الذي ما زال اختيارياً والذي يبدأ بحوالي 1460 مدرسة بكل مناطق المملكة هو ما يعني أنه بات هناك «أربع مراحل تعليمية» تبدأ بالطفولة المبكرة والتي تشمل مرحلة روضة الأطفال ومعها الصفوف الأولية إلى ثالث ابتدائي، ثم مرحلة الصفوف العليا الابتدائية من الصف الرابع إلى السادس، ثم المرحلة المتوسطة، وتليها المرحلة الثانوية، وأهمية تعليم الطفولة المبكرة تتلخص بعديد من النقاط لكن أبرزها انسيابية وسلاسة انتقال الطالب من الروضة للصفوف الأولية بالمبنى نفسه مما ييسر عليه استيعاب المرحلة التعليمية المبكرة بحياته، إضافة لكونه بمرحلة طفولة وارتباط بالمنزل وبوالدته فإن وجود معلمة تشرف على تعليمه سيسهل على أمهات الطلاب الذكور التواصل مع المدرسة وزيارتها لمتابعة دراسته والوقوف على سلوكه بالمدرسة ومعالجة أي جانب يحتاجه من قبل أسرته والمدرسة مع النظرة لتحسين مخرجات التعليم بالمهارات التي سيكتسبها الطلاب والطالبات من خلال الوسائل التعليمية وطريقة التعليم نفسها المختلفة عن المدارس الحالية بنظامها التقليدي المعروف، فتطوير مخرجات التعليم ليس بالمناهج فقط بل بأساليب تربوية تطور من مواهب الطلاب منذ سن الطفولة المبكرة وتأسيس ملامح شخصيتهم.
تعليم الطفولة المبكرة هو نظام اختياري وروعي فيه كافة تفاصيل خصوصية الطلاب والطالبات من فصول مخصصة للبنين ومثلها للبنات وكافة الاحتياجات تم مراعاتها بهذه الصروح التعليمية، وهي سترفع من كفاءة الإنفاق باستغلال المساحات بالمدارس وتوفير الكثير من التكاليف التشغيلية، كلما زاد انتشارها إلى أن تصل لمرحلة تغطية كافة المناطق بالمملكة، وهو ما يتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين من خلال الحاجة لإعادة تأهيل المدارس الابتدائية وهيكلة الكادر التعليمي وأيضاً تجاوب الأهالي مع هذا النظام الذي ما زال اختيارياً بعد أن تتعمق التجربة به وتصبح نتائجه واضحة للجميع.