د. أحمد الفراج
تحدثت في المقال الماضي عن أسوأ رئيس في التاريخ الأمريكي، الرئيس أندرو جانسون، وهو بداية السلسلة للحديث عن أسوأ عشرة رؤساء في التاريخ الأمريكي، حسب آراء المؤرخين والمعلقين السياسيين، وكذلك الاستطلاعات الشعبية. وحديثنا اليوم عن جورج بوش الابن الذي تم تصنيفه ضمن أسوأ عشرة رؤساء. ويجدر القول إنه لم يكن رجل سياسة رغم انتمائه لأسرة آل بوش، ورغم أن والده يعتبر واحدًا من ساسة العيار الثقيل؛ فقد وُلد بوش الصغير وفي فمه ملعقة ذهب؛ إذ إن أسرته من الأسر الثرية تاريخيًّا، ثم شفع له والده للقبول في جامعة ييل العريقة، وتخرج منها بتقدير مقبول، كما ذكر هو في إحدى خطبه عندما كان رئيسًا، وبعدها عمل في مجال التجارة، ولم تكن سيرته الاجتماعية على ما يرام؛ إذ مر بمشاكل جمة، قبل أن يصبح محافظًا ومتدينًا.
استثمر بوش الابن نجاحات والده؛ ففاز بحاكمية ولاية تكساس في عام 1995، ثم ترشح للرئاسة في انتخابات عام 2000، ولم يأخذه أحد على محمل الجد، بما في ذلك والدته التي تمنت أن الترشح كان من نصيب أخيه جيب، وحدثت مشكلات جمة في تلك الانتخابات بينه وبين الديمقراطي آل قور، حتى حسمتها المحكمة العليا، أي إنه فاز عن طريق المحكمة. وغني عن القول إن الفائز بالأصوات الشعبية في تلك الانتخابات كان خصمه آل قور، تمامًا مثل ترامب الذي خسر التصويت الشعبي أمام هيلاري كلينتون، ولكن فاز بأصوات المندوبين؛ فالكلمة العليا في حسم الفوز يحددها المندوبون لا الأصوات الشعبية. ثم جاءت أحداث سبتمبر، والتف الشعب الأمريكي حوله، وحظي بأعلى شعبية، ثم توالت عليه الكوارث، وأهمها: «لعنة احتلال العراق».
يعرف من يتابع الشأن الأمريكي أن الرجل الأقوى في إدارة بوش الابن كان نائبه ديك تشيني، وزير الدفاع في حرب تحرير الكويت، الذي يصنف على أنه أقوى نائب رئيس في التاريخ الأمريكي. وتعاون تشيني مع جوقة المحافظين الجدد من أمير الظلام ريتشارد بيرل، ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد، إلى بول وولفويتز ورفاقهم. وهي إدارة رعب وحرب بامتياز، اتبعت مع الشعب الأمريكي سياسة التخويف، حتى سيطرت عليه تمامًا. ومع أن حرب أفغانستان كانت مبررة إلا أن حرب العراق كانت خدعة كبرى؛ إذ لا علاقة لصدام حسين بالقاعدة. ولعلكم تابعتم سلسلة الأكاذيب التي طرحتها إدارة بوش الابن، وتم تفنيدها لاحقًا. ولم تكن حرب العراق وسوء تدبير بوش حيالها هي الكارثة الوحيدة؛ إذ لم يوفق أيضًا في التعامل مع إعصار كاترينا، وكانت ثالثة الأثافي هي الركود الاقتصادي نهاية عهده، وهو الذي سمي بالركود الكبير.
وخلاصة القول: إن بوش الابن فاز بالرئاسة، وكان بإمكانه أن يضع تاجًا على إرث آل بوش السياسي، ولكنه بسوء تدبيره، وانصياعه التام لجوقة المحافظين الجدد بزعامة ديك تشيني، خرج من البيت الأبيض بشعبية متدنية للغاية، وتم تصنيفه بوصفه واحدًا من أسوأ الرؤساء!