فهد بن جليد
لماذا تدفع رسوماً لتعليم (ولدك) في مدرسة خاصة، بينما التعليم والنقل في المدارس الحكومية مجان؟ سؤال مُحيّر يجب الإجابة عليه بشفافية، أعتقد أنَّ هناك من يدفع هذه الرسوم مُقابل الحصول على أمرين (تساهل في الحضور والغياب، ضمان مُعدل مُرتفع نهاية العام)، في كل العالم تقريباً (التعليم الأهلي) أفضل من (التعليم العام) الذي يدفع المواطن هناك رسوماً مقابل الحصول عليها أيضاً، إلاَّ في حالة التعليم السعودي فأعتقد، بل أكاد أجزم بأنَّ مخرجات التعليم الحكومي في العموم - أفضل بكثير- من مخرجات التعليم الأهلي، الذي بات مُتذبذباً بين مدارس ذات كلفة مالية قليلة في متناول شريحة كبيرة من الناس، تضمن نتائج مُرتفعة نهاية العام، دون حصول الطالب على الحصيلة العلمية الموازية التي تعكس هذه المُعدلات العالية، وبين مدارس أهلية ذات قيمة تعليمية عالية ومستوى جيد، ولكن كُلفتها المادية بالمُقابل مُرتفعة جداً، والدليل على ذلك هي نتائج ومعدلات اختبارات التقييم (كقياس) وغيرها، وكثير من المُقابلات الشخصية ومستويات الطلاب في مراحل التعليم الجامعي، التي يتفوّق فيها طلاب التعليم الحكومي والأهلي الجيِّد فقط.
قبل نحو (عامين) تقريباً قامت وزارة التعليم بإغلاق (مدرسة ثانوية) بالرياض بسبب غياب 97 بالمائة من طلابها، وصدر حينها قرار بإعفاء عدد من قادة المدارس الأهلية المتساهلين وغير الأكْفَاء واستبدالهم بقادة أكثر مُناسبة لقيادة هذه الصروح التعليمية، أتمنى أن نُشاهد ونحن في بداية هذا العام الدراسي الجديد (تحركاً) مُماثلاً من وزارة التعليم لتقويم الأمور أكثر وأكثر، فالتدخل بشكل جاد وصارم -لتصحيح- مسار الكثير من المدارس (التجارية) إن جاز لنا التعبير، والتي اشتهرت بتساهلها مع حضور وغياب الطلاب، وضمان حصولهم في نهاية العام على معدلات مُخادعة لا تعكس الحقيقية إطلاقاً، سيعيد للتعليم الأهلي أو الخاص المكانة المُناسبة له، كرديف حقيقي ومناسب للتعليم الحكومي أو العام، يستحق أن يلجأ إليه أولياء الأمور بحثاً عن تعليم جيد، وخصوصاً أنَّ النسبة الأكبر من المدارس الأهلية لدينا ما زالت مبانيها مُستأجرة، لا تناسب البيئة التعليمية النموذجية، إضافة إلى أنَّ كوادرها التعليمية في العموم -غير مُستقرة- بسبب تدني الرواتب، مع ضعف الإمكانات -مُقارنة- بالنسبة الأكبر من المدارس الحكومية التي تتفوَّق عليها في المباني واستقرار خبراتها وكوادرها التعليمية.
كتبتُ في 26-27 أكتوبر 2017 مقالين بعنوان (مُقترحات لتصحيح مسار المدارس الأهلية)، مُحذِّراً من وجود (إدارة ظل أجنبية) غالباً في العديد من هذه المدارس يتصدَّر فيها المشهد (أشخاص) ليس بالضرورة أن يكون لديهم فكر إداري ناجح ونموذجي، بل يساهمون بنقل تجارب مدارس دولهم ومجتمعاتهم، وهو ما لا يتناسب مع البيئة التعليمية النموذجية والصحية التي يتطلَّع لها كل أب وأم، سجَّل ابنه أو ابنته في هذه المدارس ليدفع (رسوماً سنوية)، تاركاً التعليم الحكومي المجاني الأفضل بكل تحدياته، لنبحث عن السبب الحقيقي بكل شفافية؟ إضافة لما يبدو أنَّه (صورة ذهنية قديمة) ما زالت عالقة في ذهن بعض أولياء الأمور.
وعلى دروب الخير نلتقي.