سمر المقرن
أكثر من عشر سنوات هو عمر هذه الزاوية، لأول مرة أغيب عن الكتابة بها لشهر كامل ومتواصل، لم يكن غيابي مجرّد إجازة، للراحة وإعادة ترتيب الأفكار، بل كان اختبارًا لي ولكم، من أجل قياس ومعرفة صمود المقال الصحافي وأهميته مع الموجة العارمة لمواقع التواصل الاجتماعي، توقفت عن الكتابة ولم أتوقف عن المشاركة والتفاعل في مواقع التواصل عبر حساباتي في تويتر وإنستغرام وسناب شات، كنت أريد أن أعرف هل هذه المواقع والتطبيقات من الممكن أن تكون بديلاً كاملاً عن المقال الصحافي، وهل ما زال المقال مهماً؟ أسئلة كثيرة كنت أطرحها في ذهني، وأجوبة أكثر كنت أبحث عنها في فترة الغياب.
وجدت في هذا الشهر كثيرًا من الأجوبة، وأهمها أن لا شيء يعوض عن المقال الصحافي، وأن جمهوره هم النخبة، وأن متابعيه هم الأطول بقاءً والأكثر وفاءً، فمن يتابع مقالاتي يكون قد كوّن معها علاقة طويلة وعميقة، بل إن من قرائي من يعرف لغتي حين يقرأ المقال قبل أن يقرأ الاسم، وهناك قراء عندما أطرح فكرة أو أناقش موضوعاً يتذكرون فكرة مشابهة أو مقاربة أكون قد طرحتها قبل عدة سنوات ويذكرونني بها، وهم أكثر الناس القادرين على رسم ملامح شخصيتي ومعرفة تاريخي وأفكاري على مدى سنوات طويلة، ولديهم ذاكرة ثاقبة تستعيد كل أفكاري. ورغم اختلافهم معي في بعض الأطروحات إلا أن في داخلهم محبة خالصة لشخصي وأفكاري ومقالاتي، وهم من سأل عني في غيابي، بل وشعرت بحجم المسؤولية وأنه يجب أن لا أغيب لأن هناك أناسًا مقالاتي أصبحت جزءًا منهم.
بينما متابعو التواصل الاجتماعي يختلفون تماماً، فتفاعلهم معي عند الحضور ورؤيتهم ليست تراتبية بل وقتية، لأن التفاعل مع الفكرة جزئي لديهم، وتفاعلهم وليد اللحظة خصوصاً في تويتر الذي لا يبني علاقات أبداً، بينما مواقع تواصل أخرى تبني علاقات وممكن مع الوقت تعطي الأشخاص المتابعين مشاعر عميقة وتواصل أكبر مثل فيسبوك وهو أول هذه المواقع، وكذلك سناب شات الذي يُعطي قرباً للشخص مع متابعيه، على عكس تويتر الذي لعبت فيه التوجهات وصار منصة للخلاف فقط، إلا من رحم ربي!
مجمل الحديث، أنه ورغم موجة التكنولوجيا وبروز مشاهير «جدد» عبر منصاتها، يظل للمقال الصحافي هيبته ووقاره وجمهوره الوفي.