رمضان جريدي العنزي
للمدرسة أهمية بالغة وعظيمة في مفهوم التعليم واكتساب المهارة وتعديل المفاهيم والقدرة على التغيير نحو الأفضل، وهي ليست مجرد فصول لتعليم الطلاب القراءة والكتابة والحساب فحسب، لكنها التربية والسلوك والأخلاق والتراث والدين والقيم وفن التعامل الإنساني الأمثل والتخاطب الحضاري، أن المدرسة هي أعظم مؤسسة توصل إليها البشر لو استطاع القائمون عليها من إدارتها وفق أهدافها الواضحة وغاياتها الثقافية النبيلة فإن بإمكانها أن تغير الشيء الكثير من العادات السيئة ومعالجة الأخطاء المرتكبة لمسيرة الإنسان في العصر الحديث وسوف ترقى بالإنسان وتجعله أهم فاعل في مستقبل المجتمعات كونها اللبنة الواقعية في عملية التغير والرقي نحو الحضارة والتمدن، لكنها قد تكون وبالاً عظيماً إن هي حافظت على النمطية الثقافية التقليدية وإبقاء الحال الثقافي جامداً لا يتزحزح بعيداً عن المعرفة التامة بالغايات والأهداف الثقافية المفترضة والدرجة الرفيعة التي يجب أن تكون عالية، إن المدرسة تنتج الأفكار الواعية والنخب النيرة التي لا ترضى بالسائد من الأخطاء وفوق ذلك تعالج الأخطاء الإنسانية التي يستطع الإنسان ارتكابها، فالمدرسة إذن هي ذخيرة التربية للمستقبل الزاهي باتجاه الإيجابية للوجه الإنساني الأكثر إشراقاً كأهداف اجتماعية واقتصادية وتخطيطية تؤهل الإنسان للعيش بعالم تسوده المحبة والأمن والسلام، إن المدرسة معنية بأن تستنبت في عقول الصغار كل الإرث المنوع للإنسانية، على اعتبار أن الكل جزء من هذا الإرث وإن اختلف هذا الإرث أو تنوع أو تمايز، إنه يجب أن تكون للمدرسة خطط تربوية تخص الأهداف التوعوية وبما يرقى بالمجتمع نحو مصاف الآخر المتقدم وإيجاد رؤى واسعة وعميقة بعيداً عن الانغلاق والانكفاء والتقوقع ابتداءً من المراحل الأولى وحتى المراحل الجامعية، إننا لا نريد المدرسة التي تربط الطلاب ربطاً وثيقاً بالمواد المحددة فقط دون أن تضاف لها أشياء تطورها وتبث فيها الحيوية، أو أن تكون المدرسة مجرد موقع للتلقين وليست مطوراً للمفاهيم العميقة في تربية الأجيال وكيفية صنع العلاقات والتعاملات الإنسانية الراقية، إننا نريد المدرسة التي تجدِّد الصياغات الرائعة للحياة في مختلف المناحي والمجالات والتنوعات وليست سبيلاً لتوفير لقمة العيش فقط وهو الأمر الذي التبس علينا في فهمنا إلى الرؤى الدراسية الكامنة في هذه البنية الكبيرة والغايات الجليلة، إنه من دوالمدرسة التعليمية والتربوية والتثقيفية والتأهلية الشاملة ذات الأهداف والغايات العصرية والبعد الإنساني الحضاري الراقي فلن يجد الطالب نفسه سبباً للتعليم حتى النهاية أو سبباً لوجودها أصلاً.