د. خيرية السقاف
شراسة الأعاصير، هيجان البحر، ثورة العواصف، حمم البراكين
الغيوم الداكنة، الصواعق المفزعة، السيول الجارفة..
الشلالات الساحقة، والنار؛ لهيبها المتقد، ألسنتها المتعالية،
و...كل شرس في الطبيعة:
القاتل، والرادم، والحارق، والمغرق، والمميت، بسطوة تكوينه، وقدرة ناموسه، وسرعة
أثره، وفداحة تأثيره في الإنسان، والشجر، والبناء، وما على الأرض، ومد النظر، وبين الأيدي
يخيف، يحرك في عقول البشر قواها للتفكير في كبحه، في التغلب عليه، في الانتصار على هجومه، في التغلب على دماره، وعنوته..
لكنه بشراسته محرض للتأمل، باعث للتحدي، مثير للدهشة، مدهش بجمال صوره حين السماء تتلون، والمياه تتشكل، والفضاء تنبت في أنسجته لوحات مذهلة بألوان ألسنة النار، وأفعوانية الأمواج، وتشكيلات الحمم، والنتوءات، والدوامات، والطين، والأغبرة، والريح، والسحب، والبقايا، والأنقاض..
الشتات الذي يأتي عن وحشة الطبيعة، وعنفوان شراستها، خامة ثرية لمخيلات الشعراء، وريش الرسامين، وعجين طين النحاتين، وأبجدية المفكرين، ومسارات الرحل في أدغال هذا الخبيء في تفاصيل قدرة الله في أرضه...
هكذا تتنفس الفكرة على السطور كلما داهم الأرض إعصار..
كالذي الآن يزور جزر البهاما..
«دوريان» محرض للمخيلات، مع أن عاصفته الشرسة دمرت، وقضت، ونقضت، وأماتت، وشتتت، وأخافت، وتدوَّمت بكثير من استقرار، وأمان الإنسان..
الإعصار أحد أفعال الطبيعة في كون عظيم، أمامه الإنسان ضعيف حد الشفقة..