محمد آل الشيخ
دول العصر الحديث تقوم شرعيتها وسبب وجودها واستمرارها على الاقتصاد، فكلما كانت هذه الدولة أو تلك ذات اقتصاد قوي وينمو بشكل مستمر، ويوفر الخدمات، وكذلك الفرص الوظيفية للمواطنين، تكون هذه الدولة راسخة قوية، وذات شرعية قابلة للاستمرار؛ وفي المقابل تكون أغلب الدول المعرضة للسقوط أو للاضطرابات وغياب الاستقرار والأمن هي الدول التي في الغالب إما أنها تعاني من انكماش اقتصادي مستمر وتراجع معدلات النمو، أو أن نموها ينحو إلى الركود. هذه حقيقة وليست مجرد نظرية أثبتها تاريخ الدول المعاصرة.
هذه الحقيقة انطلقت منها رؤية المملكة 2030 من خلال تنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على منتج واحد، كالنفط مثلاً.
ولعل من أهم كنوز المملكة غير المستغلة، والتي تعطي المملكة ميزة نسبية على ما سواها من الدول، هي السياحة والترفيه، بعد أن تمكنت المملكة في هذا العهد الزاهر من تجاوز وتذليل كثير من العوائق والموروثات التي كانت تشكل في السابق عقبات كأداء في طريق استثمار كنوزنا السياحية المتميزة، والتي تزخر بها جغرافية بلادنا، واستقطاب المستثمرين من الداخل والخارج للاستثمار في هذه الحقول الواعدة، بالشكل الذي يخلق قاعدة اقتصادية سياحية، تدعم قوتنا الاقتصادية من جهة، ومن جهة أخرى (تغنينا) عن الاعتماد على النفط، الذي هو ثروة لا بد وأن تنضب يومًا ما.
حكومة المملكة، وبمنتهى الشجاعة، اتخذت خلال السنوات القليلة الماضية قرارات لتمهيد السبل للاستثمار في السياحة وفي الترفيه، وكانت استجابة الأغلبية الساحقة من المواطنين مشجعة وفي الوقت نفسه واعدة.
التأشيرة السياحية كانت آخر هذه القرارات، ففي نهاية هذا الشهر سيتمكن الأجانب من كل دول العالم من الحصول على التأشيرة من خلال الإنترنت، أو من خلال المطار بعد القدوم، والشرط الوحيد للحصول عليها بالنسبة للأجنبي أن تشتري تذكرة دخول فعالية من الفعاليات الترفيهية، وليس ثمة شرط آخر. وأنا على يقين أن السياح سيتدفقون على المملكة، وسوف يتنامى الناتج المحلي، إضافة إلى أن أسواق التجزئة ستشهد طفرة، من شأنها خلق فرص مشجعة، إضافة إلى أنها ستسهم مساهمة جوهرية في امتصاص البطالة، إضافة وستسهم اجتماعيًا في توعية السعوديين، ودمجهم شيئًا فشيئًا مع شعوب العالم المتحضر.
الأمر الآخر والمهم أن (العلاج بالصدمة) كما أشار إلى ذلك الأمير محمد بن سلمان ثبت أنه من أفضل السبل للدول التي تعاني من عادات وتقاليد لا تمت للدولة المدنية بصلة، فقد مرت كل هذه القرارات التنموية دون أي ردود أفعال، الأمر الذي يثبت أن الحزم والعزم إذا غلفتها الإرادة الجادة، فإنها قد تصنع المعجزات.
والذي أثبته التاريخ وبرهنت عليه أحداثه، أن (المجتمعات المنغلقة) هي مرتع للتخلف والإرهاب، يكفي أن تلحظ مدى انحدار معدلات الإرهاب، الذي عانينا، وعانى العالم منه في العقود الأربعة الأخيرة، وغيابه إلى درجة التلاشي الآن.
إلى اللقاء