د. سعاد زيد الزيد
اهتم الإنسان بالارتحال والسفر من مكان إلى آخر منذ وقت طويل بالرغم من عدم توفر وسائل الانتقال الحديثة، وذلك بسبب أهمية السفر ووجود أسباب ودوافع عديدة تدعو إليه، كما يعتبر السفر إلى الخارج حلم الكثيرين لاكتشاف العالم وتغيير شكل الحياة المعتادة وخوض تجارب جديدة في عالم جديد.
ومفهوم السفر يعبر عن انتقال الإنسان من مكان إلى مكان آخر له أهداف وغايات معينة، فهو عبارة عن نشاط إنساني يقوم به الإنسان خلال أوقات السنة المختلفة إلى أماكن مختلفة مع وجود الدوافع المختلفة له، فهناك سفر داخلي والذي يكون داخل حدود البلد، وسفر خارجي، والذي يعني السفر إلى الخارج السفر إلى الدول الأخرى المجاورة أو البعيدة، باستخدام وسائل متنوعة مثل القطارات والطائرات، والسيارات وغيرها، فيكون السفر جوياً، أو برياً، أو بحرياً.. ومخطئ من يظن أن السفر ما هو إلا مضيعة للوقت والأموال وجالب للمتاعب والإزعاج.. والناس الذين عرفوا حقيقة السفر وأهميته لهم يقومون بحزم أمتعتهم عند كل فرصة متاحة لهم.
فمع بدء الإجازة الصيفية في كل عام، تطفو قضية السفر على السطح، ويبدأ الكثيرون منا في شد الرحال إلى الخارج، فالسفر لدينا فرصة جيدة للتخلص من التوتر والإرهاق حتى لو كان السفر في بعض الأوقات مرهقاً قليلاً بسبب الذهاب إلى أماكن كثيرة، أو التواجد في مدن العالمية صاخبة والتعامل مع اللغات والثقافات المختلفة.. إلا أن كل هذه الأمور تعتبر من الأمور الإيجابية الرائعة في حياتنا، خاصة أنها تختلف عن مظاهر القلق الناتج عن التوتر المتعلق بأمور الحياة العادية في المنزل أوفي العمل.. ويعد السفر فرصة جيدة ومناسبة للجميع حتى لو كان الهدف الأساسي منه لقاءات العمل أو حضور المؤتمرات والندوات الخارجية، أو إيجاد فرص التعليم والتدريب وغيرها من الأنشطة.
والجميل في الأمر إن فوائد السفر كثيرة ومتعددة لا يعلم حقيقتها كثير من الناس، فنجد أنه يمنح الإنسان حالة من الاسترخاء والاستمتاع بعيداً عن مشاغل وضغوطات الحياة الروتينية، ويساهم في زيارة الأماكن والمواقع الجميلة.. ويمد الإنسان بالمعلومات، ويزيد من اطلاعه على ثقافة المجتمعات الأخرى، وكما أنه يفتح له الفرص التعرف وتبادل المهارات والخبرات الإنسانية، ويكتسب الإنسان في خلال أجواء السفر بعض المفردات واللغات الجديدة عليه، والتعرف أيضاً على العادات والتقاليد الخاصة بالبلد وقوانينها، ويزيد من مرونة الإنسان في التعامل مع الآخرين والقدرة على التكيف والاندماج، كما يزيد لديه القدرة على التعامل مع التحديات الحياتية والمواقف، ففكرة السفر تجدد الطاقات وتريح النفس، وتعزز من استقلالية الإنسان، حيث تمنحه فرصة ليعتمد على نفسه ويتخذ قراراته ويحل مشاكله بعيداً عن أيّ تأثيرات أو ضغوط، بالإضافة إنه يزيد من ثقة الإنسان بنفسه، ويمنحه الوقت الكافي لمراجعة ذاته وإصلاح عيوبه، ويوصف السفر كأنه علاج نفسي لبعض الأمراض النفسية.
فالسفر وأجواء السفر ترفع من مستوى سعادة الإنسان، ونلاحظ أن أثر السفر وسعادته يمتد من مرحلة ما قبل السفر وأثناء التحضيرات له، فيتحمس ويسعد بمجرد التفكير في الوقت الذي سيقضيه في الأماكن الجديد في مرحلة السفر، وما بعدها، بتغيير حالة الإنسان وصفاء ذهنه.
وعلى الشخص المسافر أن يحدد غايته من سفره قبل أن يحزم أمتعته ليحقق أكبر فائدة مرجوة من سفره، وأثناء سفره، عليه أن يقتصد ولا يسرف، وأن يوازن بينهما حتى يجد المتعة والراحة.. ونجد أن أجواء السفر تمثل صورة من صور الحياة التي يعيشها الإنسان.. لذا يجب أن يعيشها بشكل يتوافق مع مبادئه وقيمه.