زكية إبراهيم الحجي
للتلفزيون مكانة خاصة في حياتنا المعاصرة..فهو وسيلة إعلامية له مميزات وخصائص متعدِّدة منها انتشاره الواسع، أضف إلى ذلك ما يقدّمه لجمهور المشاهدين من برامج المتعة والترفيه والسياسة والشأن الاجتماعي والثقافة العامة في زمن اختُزِل فيه سقف القراءة خاصة لدى الشباب.. ففي زمن سابق كانت القراءة جسر الأساس نحو الوعي السياسي والثقافي إلى جانب الفهم الدقيق لتطورات المجتمع في أدق تفاصيله وما يترتب عليها.
ولعل دغدغة عواطف المشاهد ورغباته لأشد إقناعاً من احتكامٍ إلى العقل، حيث هيمنت في السنوات الأخيرة على الشاشات العربية أعمال وبرامج تلفزيونية تحاكي ما تبثه الشاشات الغربية، بل هي صور مستنسخة منها ناهيك عن كم البرامج التي لا تحمل جديداً أو إبداعاً يجذب المشاهد ويُشبع نهمه.. فهل ظاهرة استنساخ البرامج خاصة الغربية منها أو تقليد البرامج بين الفضائيات أسهل الحلول للتميز وتحقيق نجاح سريع في ظل اتجاه أكثر شمولية لاستيراد الكثير من النتاج الغربي؟
فإذا كان الابتكار والأفكار الإبداعية من أهم المبادئ الأساسية لأي فن من الفنون ولأي عمل من الأعمال فإن فن العمل الإعلامي هو من صلب الحياة الإبداعية التي تتطلب ذكاء عقلٍ حاضرٍ متجددٍ على الدوام ويحمل أهدافاً تشير إلى امتثال ثقافي ومعرفي.. ترفيهي واجتماعي لخلفيات فكرية رائدة ومتجددة.
إن ذائقة المشاهد تدفع إلى التساؤل: هل عجز المنتج العربي عن إنتاج برامج إبداعية برؤية متفرِّدة وتناسب مجتمعاتنا وتقاليدها وعاداتها وتكون خالصة الشكل والمضمون لتلحق بمسار المنافسة في زمن الوسائط التفاعلية السائدة في عصرنا الحالي عصر التكنولوجيا وعصر الريبورت والذكاء الاصطناعي.
فإذا كانت الفضائيات بشكل عام تُشكِّل عاملاً بارزاً في صناعة الرأي العام والتوجه الفكري والسياسي لأي مجتمع نتيجة الدمج بين الكلمة والصورة إلا أن الملاحظ أن غالبية القنوات الفضائية لا تحمل إستراتيجية معينة للنهوض بالعقول.. بمعنى أن الغالبية العظمى من برامج القنوات الفضائية المنتشرة في العالم العربي هي برامج متشابهة المضمون مختلفة الشكل والعنوان مثال على ذلك في البرامج الإخبارية والحوارية، فعندما تقوم إحدى الفضائيات باستضافة فلان من الناس تقوم فضائية أخرى باستضافته في اليوم التالي ليكرر حديثه.. وهلم جر هذا المثال ينطبق أيضاً على برامج المنوعات والبرامج الثقافية المختلفة.
إن النجاح أو الإخفاق في تحويل البرامج التلفزيونية الغربية إلى أوراق شفافة لاستنساخ تلك البرامج وإعادة إنتاجها لكسب ثقة المشاهد ما هو إلا تعبير عن انغلاق العقل بعيداً عن أوردة الإبداع والتجديد.. إنتاج البرامج التلفزيونية الرائدة ذكاء عقل وإبداع لا تكرار واستنساخ.