فهد بن جليد
التحولات الإدارية الإيجابية والجديدة التي تعيشها بلادنا في استقطاب الأكْفاء لإدارة الأعمال بالطُرق الحديثة والصحيحة -من أهم بواعث الأمل- برأيي التي تشجع على المُثابرة من أجل الوصول وتحقيق الأحلام، لذا دائماً ما أنصح -من يصطدمون بواقع إداري رافض وغير محفز- وبيئة إدارية لا يستطيعون فيها تحقيق أحلامهم، هو تغيير بيئة العمل تلك، والانتقال فوراً إلى بيئة إدارية أخرى مُحفَّزة ومُشجِّعة أكثر، ترحب بالكفاءات وأصحاب الشهادات والخبرات معاً تستقطبهم وتدعمهم، لذا من الظلم أن (يُحبس إدارياً) الموظفون الأكْفاء أصحاب القدرات والإمكانات العالية، بحيث يبقون تحت إمرة إدارة تقليدية لا تُقدّرهم أو تستفيد وتستثمر قدراتهم وأساليبهم العلمية الحديثة، أو على الأقل تمنحهم المكانة اللائقة والمستحقة والتقدير اللازم.
في التجارب الإدارية هناك دائماً حروب ومعارك خفية -غير مُعلنة- بين المديرين والموظفين أصحاب القدرات العالية، فبعض المديرين يفضّلون إبعاد الموظف المُتميز عن الأنظار والأضواء والاستفادة من قدراته في ذات الوقت، وهي عملية مُعقَّدة ومُحيِّرة قد لا يشعر بها الموظف نفسه، بالمُقابل عادة ما يُحاول الموظف المُتميز انتهاز الفُرصة وإثبات قدرته أكثر للإدارات العليا، وأنَّه كفؤ يمكن الاعتماد عليه أفضل من مديره، وهي معركة أخرى موازية أكثر تعقيداً مطلوب منه فيها إنجاح العمل والوفاء بالتزاماته الوظيفية، والكشف مقابل ذلك عن حقيقة (ضعف المدير).
أهم عوامل الهدم بين (الشهادة والخبرة)، هي بتفرُّغ كل فريق ومُحاولته التقليل من الفريق الآخر، وهو أمر يتطلب المُعالجة والتدخل السريع في حال اكتشافه في المؤسسة أو المنشأة، عندما ينتقد أصحاب الشهادات الأسلوب التقليدي في الإدارة وإنجاز المهام بالخبرة والمُمارسة فقط، لذا عادة ما يقوم بعض هؤلاء بمُجرَّد توليهم المناصب الإدارية (بنسف) تاريخ سابقيهم من أصحاب الخبرات العملية الذين لا يملكون شهادات تخصصية حديثة، ومُحاولة تحجيم دور الخبرات الباقية وتحييدهم بالتهميش وتأكيد أن الأسلوب الإداري القائم والسابق (خاطئ) ولم يعد يتناسب مع المراحل المُستقبلية والجديدة، حتى يُغادروا المشهد طواعية بعد أن يشعروا بأنَّ المكان والزمن لم يعد لهم، بالمُقابل ما زال هناك فريق من أصحاب الخبرات العملية لا يمكنهم الاندماج مع التطوّر وتقبله، ولا الاعتراف بقدرة الأساليب العلمية والتخصصية الجديدة في تجويد الأعمال وتحسينها واختصار الوقت والجهد، لتحقيق الأهداف بطرق جديدة وأساليب عصرية، لذا ما يجب الانتباه له أنَّ الخبرات لم تعد كافيه وحدها اليوم، كما أنَّ الشهادة ستكون أقوى وأكثر فعالية في حال رافقتها الخبرة التي لا غنى عنها. باختصار لن يستطيع أي من الفريقين إلغاء الآخر، وهو التكامل الذي يجب أن يذكره وينتبه ويؤمن به معاً (كل صاحب شهادة وكل صاحب خبرة) حتى يتفرّغوا جميعاً لإنجاح الأعمال والتنمية ، بدلاً من إدارة الحروب الخفية بينهم.
وعلى دروب الخير نلتقي.