محمد آل الشيخ
كانت دولة قطر تؤمل في الوساطة بين أمريكا وطالبان آمالاً كباراً، وأهم تلك الآمال أن يكافئها الأمريكيون بالتوسط لها وإخراجها من النفق المظلم الذي وضعها (الحمدان) فيه، فهذه الدويلة لا وزن لها ولا قيمة، إلا إنفاق المال لتكبر في عين هذه القوة أو تلك، فقد دفعت قطر لطالبان مبالغ خرافية كي يأتوا إلى الدوحة ويتباحثوا مع الأمريكيين؛ لكن طالبان كعصابات المافيا تماماً، لا عهد لهم ولا ذمة، فبعد أن استلموا من الدويلة الأموال، أتوا، وتباحثوا مع الأمريكيين، وفي أثناء المفاوضات، قاموا بعملية إرهابية في كابل، وهم يعلمون يقيناً، أن هذه العملية كفيلة بأن (تنسف) مفاوضات الدوحة من أساسها، وهذا ما حدث، فقد أوقف الرئيس الأمريكي تلك المفاوضات، وآب القطريون من تلك الآمال بخفي حنين بعد أن دفعوا مئات الملايين من الدولارت لطالبان قبل بدء التفاوض.
قطر التي تريد أن يكون لها دالة من خلال هذه المفاوضات على أمريكا، اكتشف الأمريكيون للمرة الألف أن الإرهابيين لا عهد لهم ولا ذمة، وأن قطر التي أكدت لهم أن طالبان جادة، قد غُرروا بهم، وإلا فهم (أضعف) من أن يفرضوا شيئاً على طالبان، فزراعة الأفيون، ومداخيله، لا يمكن أن يفرّطوا فيها، وهم على يقين أن (السلام) يعني أن يتخلّصوا من إنتاج المخدرات، وطالبان قوم (مراوغون) ومنافقون، والثقة بهم ضرب من ضروب الوهم.
المهم خرج القطريون من المولد يجرون أذيال الخيبة، وأفشل حلفاؤهم الإرهابيون آمالهم بأن يكسبوا شيئاً يتقرّبون به من الأمريكيين، الذين لا يعتبرون هذه الدويلة متناهية الصغر إلا قاعدة العديد، ثم لا شيء يُذكر.
القطريون في الشبك - كما يصف وضعهم بعض المعلقين - يعيشون عزلة لم يعرفوها طوال تاريخهم، وليس ثمة ما يشير إلى أنها ستنتهي، ولعل بيان المملكة الأخير الذي صدر قبل أيام قد (نسف) آمال الشعب القطري المغلوب على أمره بأن ثمة (انفراج) في العلاقات بين البلدين، لكن حكومة خادم الحرمين وولي عهده يدركون تمام الإدراك أن حمد وتميم أناس لا يؤتمنون، وتسيطر الأحقاد عليهم سيطرة كاملة، فهم يوقعون الاتفاقيات و(يلحسون) تواقيعهم، كما حصل في اتفاقيتهم مع المملكة عامي 2013 وكذلك 2014، لذلك فهم ليسوا أهل ثقة، ويعتبرون أن الخيانة والمؤامرات هي السياسة، لذلك وصلوا إلى هذا المأزق الذي لم يبق أحد لم يوسطوه للخروج منه لكن دون جدوى.
مشكلة قطر أنها دولة (عبثية)، لدى قادتها شعور عميق بالنقص، أضف إلى ذلك أنها تفتقر إلى عوامل كثيرة لكي تشكل منها دولة, اللهم إلا الثروة، وهي على استعداد تام أن تعوّض هذا (النقص) بتقمّص أدوار قد تجعلها على الأقل دولة إقليمية كما يحلمون، فتدفع الرشاوى، وتتبنى وسائل الإعلام، وتقوم بأدوار مضحكة، كل ذلك لتقنع نفسها أنها دولة مؤثّرة، لكنها في كثير من الأمور، ومنها محاولة الإصلاح بين طالبان والولايات المتحدة، تعود والفشل الذريع يلفها. قطر يجب أن تدرك إدراكاً تاماً ومن قال لها غير ذلك فهو كاذب أن الحل في الرياض وبشروط الرياض، وإلا فليبقوا في الشبك إلى أبد الآبدين.
إلى اللقاء