تشير الكثير من الدراسات إلى أن فوائد التعليم عديدة وظاهرة للعيان؛ فلقد أثبتت معظم الدراسات أن الأفراد من ذوي المستويات التعليمية يؤدون أعمالاً أفضل من غيرهم، أي: ينتجون ويصنعون أكثر وأفضل من غيرهم الأقل تعليمًا.
ومهما كانت الظروف فالعمالة المؤهلة تعليميًّا تعطي دخلاً وإنتاجًا ومكانة اجتماعية.. ويبدو أن التعليم مرتبط بهذه الأبعاد.
إن التعليم يؤثر بشكل واضح في سرعة اكتساب الفرد المعارف الإنتاجية؛ وبالتالي إذا قضى الفرد فترة زمنية في التعليم شريطة أن يستفيد من التعليم في هذه الفترة ترتب على ذلك زيادة إنتاجه بمقدار ثابت. وكلما كانت مستويات التعليم عند الفرد عالية استفاد من خبراته التعليمية في زيادة الإنتاج، وذلك باكتشاف موارد وثروات جديدة، واستخدام وسائل إنتاجية أكثر كفاية.
ولا يقتصر دور التعليم على إعداد الطاقات البشرية التي تسهم بفاعلية في زيادة الإنتاج، والارتفاع بمستوى جودته، والتعامل بكفاءة مع تقنياته، أو الإسراع بالتنمية الاقتصادية للمجتمع بزيادة دخله الوطني، ورفع متوسط دخل أفراده، ولكن دوره الفاعل في زيادة الاستثمار، وترشيد الاستهلاك.
وتعتبر هذه الوظيفة من أهم وظائف التعليم؛ وذلك لارتباطها بالسكان وعاداتهم، وأذواقهم وتصرفاتهم واتجاهاتهم نحو الادخار؛ فقد يزداد الإنتاج، ولكن هذه الزيادة يبتلعها الطلب على السلع المنتجة، كما يحدث في الدول ذات التزايد السكاني السريع التي تعاني زيادةً في استنزاف مواردها الإنتاجية.
وينطبق ذلك على دور التعليم في زيادة الدخل الوطني؛ فقد يزداد الدخل الوطني في دولة ما بسبب التعليم بصورة ملحوظة، وفي الوقت نفسه لا يطرأ أي تحسُّن ملحوظ على مستوى معيشة الأفراد بسبب زيادة السكان.
إن هذه الوظيفة تعتبر أكثر أهمية في الوقت الحالي بسبب ما تعانيه الدول النامية من اكتظاظ مناطقها الحضرية بفئات العمال الذين يفدون إليها من مناطق مختلفة في أساليب الحياة، وأنماط الاستهلاك.
لذا تكمن أهمية التعليم في القضاء على النماذج السلوكية التي تهدد التنمية الشاملة، والعمل على غرس وتنمية العادات الاستهلاكية السليمة، وتوجيه الأفراد نحو ادخار جزء من دخلهم، واستثماره في مشاريع جديدة، تعود عليهم بالفائدة، بدلاً من الإنفاق على الاستهلاك، أو التقتير في الإنفاق على السلع الاستهلاكية.
إن حسن استغلال الموارد الطبيعية المتاحة، وترشيد استثمار رؤوس الأموال، بما يؤدي إلى نمو المجتمع، يتطلب وجود فئة من القوى العاملة ذات مهارة خاصة، ولديها القدرة على الإلمام بالعلوم الحديثة والتطورات التقنية، والاستعداد لتحمُّل أعباء المخاطرة، وقبول المجازفة عن طريق الأخذ بالأساليب المتقدمة في الإنتاج والاستثمار معًا. هذا إضافة إلى تميزها بالاستعداد للنمو والتطوير الذاتي بالتدريب على الأساليب الجديدة للإنتاج، ومتابعة تطورها، والسعي الدائب لمعرفة كل شيء عنها. هذه الفئة أصبحت بتعليمها تحتل مرتبة تفوق في الأهمية مرتبة الموارد الطبيعية، ورؤوس الأموال التي تعتبر عوامل حاسمة في التنمية الاقتصادية؛ وذلك لأن مزيدًا من التعليم سيؤدي إلى زيادة الدخل الوطني، وارتفاع متوسط دخل الفرد، وتقارب دخول الأفراد، وتحسين الإنتاج، والحد من الاستهلاك، وتنمية عادة الادخار، وزيادة الاستثمار.. إضافة إلى ارتفاع مستوى المعارف في تكوين اتجاهات الأفراد نحو الإنجاب، والعادات الصحية والغذائية، وتحقيق المساواة.
إن الدول النامية تعاني ضَعف الإنتاج ومعدلاته، وارتفاع تكاليفه، وزيادة فاقده، وتدني مواصفاته، واعتماده على الخبرة أو التجربة السابقة لبعض الحرفيين، والبُعد عن الأساليب العلمية الخاصة بزيادة حجم الإنتاج، مع ضغط تكاليفه، ونقص الوعي، وقيام المشاريع الإنتاجية على المبادرات الفردية، والافتقار إلى الروح الجماعية، إضافة إلى هجرة الكفايات إلى الدول المتقدمة.
يقول د. عبدالله السيد عبدالجواد في كتابه (الوظائف الاقتصادية والاجتماعية للتربية): لقد نادى الكثير بأن التعليم هو من أهم المتغيرات الأساسية في زيادة الإنتاج، وحل مشكلة الفقر، وأن التنمية الاجتماعية والاقتصادية لن تتحقق حتى يرتفع معدل التعليم.
فالتعليم يسهم في تزويد أفراد المجتمع بالمعارف التي تساعدهم في الكشف عن الموارد والثروات الطبيعية، وتحويلها إلى إنتاج وطني متميز. وإلى جانب مساهمة التعليم في الكشف عن الموارد والثروات الطبيعية، والعمل على تحويلها إلى إنتاج متميز، يسهم التعليم في إعداد العاملين القادرين على العمل بكفاءة، والموزعين على القطاعات الإنتاجية.