منذ انطلاق تويتر في عام 2006، وإتاحته باللغة العربية في عام 2012، وهو يستقطب مئات الملايين من العملاء (يقدر عدد مستخدمي تويتر في العالم بـ1.3 مليار مستخدم) للوجود وفتح حسابات تتيح لهم التغريد والمتابعة والاطلاع والتواصل مع الآخرين.
ويمتاز تويتر عن باقي منصات التواصل الاجتماعي بأنها تفاعلية، وتتيح التغريد لطرح الأفكار، والتعليق عليها. وقد حرصت الشخصيات الإعلامية والنخب والشركات على الوجود فيها من خلال فتح حسابات، وجذب أكبر عدد من المتابعين للتفاعل معهم، وأصبحت وسيلة جذب لطرح الأفكار أو المنتجات، أو الترويج للخدمات بغية التأثير فيهم، وتحقيق مكاسب وأرباح مالية في النهاية.
وجاء تويتر ليجد فيه الشخص العادي ضالته بممارسة الكتابة والتعليق، وطرح أفكاره، ومتابعة آراء الآخرين، والتفاعل معها. وتحول تويتر إلى منصة كبيرة في طرح المعلومات والأخبار (يثبت زيفها والمبالغة فيها خاصة الطبية أو الاكتشافات العلمية)، مع ملاحظ المجادلة والنقاشات العقيمة، وتصيُّد الأخطاء. وفي كثير من الأحيان تتحول إلى مادة للإسفاف والتهجم على الآخرين والشخصيات العامة، والتنقيص من منجزاتهم، ورمي الاتهامات؛ وهو ما استوجب وجود قوانين رادعة لمحاسبة المتجاوزين.
وأصبحت حال كثير من النقاشات في تويتر تشبه حال (الكدادة) في الماضي، لا يتوقفون عن قطع الطرقات بسياراتهم لإيصال زبائنهم طلبًا للرزق مهما كانت ساعات العمل والطرق طويلة، بل إن «كدادة تويتر» يوجَدون ويفتون في كل شاردة وواردة، ويقدمون آراءهم في القليل الذي يعرفونه، والكثير الذي يجهلونه، وأصبح تنظيرهم وآراؤهم في كل مجال، سواء رياضيًّا أو سياسيًّا أو اجتماعيًّا.. المهم، الوجود وإبداء الرأي ولو بسطحية وسذاجة.
وتحول كثير منهم، سواء بأسمائهم الحقيقية، أو بألقابهم الوهمية، إلى قاطنين في تويتر صباح مساء، يتصيدون الأخطاء، ويجادلون في كل شأن (ماسكين بحلوق بعض) في تعارك كان في الماضي بالأيدي و»العقل»، وأصبح تعاركًا إلكترونيًّا للتشكيك ببعض، والمحاسبة على وجهة نظر أو رأي قديم بانتقائية وبتجنٍّ في كثير من الأحيان، وبربط غير مهني.
وأصبحت الاتهامات ورمي الكلمات والتعليقات الساخرة وتعميم الآراء والصفات على شعوب أو جماهير رياضية مستساغة ومستباحة بالطول والعرض في النقاشات على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة تويتر. بالرغم من أنه من محاسن تويتر أنه عرَّى فكر كثير من الإعلاميين ومتصدري المتابعين ونجوم وسائل التواصل، ومدى سطحيتهم وتحيزهم إلى آرائهم رغم ثبات عدم صحتها، وشكّل كثير منهم «قروبات» لمناصرة بعضهم (واحد يرفع والثاني يشوت) بعيدًا عن فكرة الصواب والخطأ واتباع معايير أخلاقية مهنية، تجعلهم قدوة ومؤثرين إيجابيين في مجتمعاتهم، وتطويرها، وتقبُّل النقاش وآراء الآخرين بعيدًا عن التجريح والاستخفاف بهم.
الخلاصة: إن ما نراه من نقاشات يتحول إلى تعارك إلكتروني وغوغائية، مع تشجيع المتابعين وتحمسهم لطلب المزيد من التعليقات والآراء، وكأنهم في ملعب كرة، ويطلبون المزيد من الأهداف حتى ولو كانت بالغش والتدليس؛ فنرى كثيرًا من المعارك في تويتر تتحول إلى ميدان رماية، كل طرف يجتهد بإصابة أكبر عدد من الأهداف، وتحقيق الفوز بعيدًا عن العقلانية والحكمة وضبط النفس؛ لذا (خلك بعيد)؛ لكي لا تصيبك طلقات طائشة من هنا أو هناك، واحرص على أخذ الحيطة والحذر عند وجودك في تويتر؛ فلا تعرف من أين تأتيك القذائف؛ لأنها عشوائية، وقد تأتيك من نيران صديقة. واحرص على أن لا يسبق لسانك عقلك عند التعليق وطرح الآراء.. فاحذر لتسلم.