د.شريف بن محمد الأتربي
في غسق الليل وبكل خسّة ونذالة تقوم جهات مأجورة باستهداف معملي تكرير لشركة أرامكو في بقيق وهجرة خريص، ولا أعتقد أن الهدف الأساسي لهذين الهجومين هو الأماكن ذاتها فقد سبق وأن استهدفت هذه الجهات أكثر من مكان في المملكة استطاعت قواتنا المسلحة التصدي لها بفضل الله تعالى وإن حدثت بعض الحوادث فهي ناتجة عن المكر والدهاء والعداء الواضح للمملكة العربية السعودية أولاً وللعالم الإسلامي ثانياً.
إن الهدف الأساسي والواضح والجلي لهذين الهجومين هو صرف الأنظار عن التصريحات السياسية التي أعلنها رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتن ياهو الذي صرح وبكل وقاحة وصلافة في يوم الثلاثاء الماضي، بأنه يعتزم ضم غور الأردن الذي يقع في الضفة الغربية واستولت عليه إسرائيل عام 1967، إلى دولة إسرائيل وهي منطقة يعيش فيها نحو 65 ألف فلسطيني و11 ألف مستوطن إسرائيلي في غور الأردن ومنطقة شمال البحر الميت والمدينة الفلسطينية الرئيسية في المنطقة هي أريحا.
وقد أثار تصريح نتنياهو، الشجب والإدانة من قبل الدول العربية والإسلامية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية التي أعلنت رفضها القاطع لتصريحات نتنياهو معتبرة أن هذا الإجراء باطل جملة وتفصيلا، بل وشددت المملكة، على أن هذا الإعلان يعتبر تصعيداً بالغ الخطورة بحق الشعب الفلسطيني، ورأت أنه يمثّل انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي والأعراف الدولية، وأن من شأن هذه الإعلان تقويض ورفض لأي جهود تسعى لإحلال سلام عادل ودائم، إذ لا سلام بدون عودة الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتمتع الشعب الفلسطيني بحقوقه غير منقوصة، كما أكدت المملكة أن محاولات إسرائيل فرض سياسة الأمر الواقع لن تطمس الحقوق الثابتة والمصانة للشعب الفلسطيني.
وأشارت المملكة إلى أن انشغال العالمين العربي والإسلامي بالعديد من الأزمات المحلية والإقليمية لن يؤثّر على مكانة قضية فلسطين لدى الدول العربية والإسلامية شعوباً وحكومات، كما شددت على أن ذلك الإعلان مرفوض جملةً وتفصيلا، إلا أنه لن يثني الأمة العربية -الراغبة في السلام من خلال المبادرة العربية للسلام- بأي حال من الأحوال عن التصدي للإجراءات أحادية الجانب التي تتخذها إسرائيل والمحاولات المستمرة لتغيير حقائق التاريخ والجغرافيا، وانتهاك الحقوق الفلسطينية المشروعة.
كما طلبت المملكة من كافة الدول والمنظمات والهيئات الدولية إدانة ورفض هذا الإعلان، واعتبار أي إجراء يسفر عنه باطلاً ولا يترتب عليه أي آثار قانونية تمس حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والثابتة.
ومن أجل الرد على هذا التصريح المستفز دعت المملكة العربية السعودية إلى، عقد اجتماع طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي في مستوى وزراء الخارجية، لبحث هذا الموضوع ووضع خطة تحرك عاجلة وما تقتضيه من مراجعة المواقف تجاه إسرائيل بهدف مواجهة هذا الإعلان والتصدي له واتخاذ ما يلزم من إجراءات.
وكان صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة قد صرح أن عمليات الإنتاج في معامل بقيق وخريص قد توقفت بشكل مؤقت، وحسب التقديرات الأولية أدت هذه الانفجارات إلى توقف كمية من إمدادات الزيت الخام تقدر بنحو (5.7) ملايين برميل، أو حوالي 50 % من إنتاج الشركة، وأنها قد أدت أيضًا إلى توقف إنتاج كمية من الغاز المصاحب تقدّر بنحو (2) ملياري قدم مكعب في اليوم، تستخدم لإنتاج 700 ألف برميل من سوائل الغاز الطبيعي، مما سيؤدي إلى تخفيض إمدادات غاز الإيثان وسوائل الغاز الطبيعي بنسبة تصل إلى حوالي (50 %).
إن نتاج هذه التفجيرات الإرهابية وما صاحبها من قلق في سوق الطاقة على مستوى العالم كانت هي الغطاء الذي سيخفف الضغط العربي والعالمي الذي صاحب التصريحات غير المسؤولة لرئيس وزراء الكيان الصهيوني بما يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الإرهاب لا دين له وأنه حلقة من العلاقات المشبوه والممولة من قبل جهات لا تريد لهذه المنطقة الاستقرار وتظن أنها بهذا العمل الخسيس قد تهز شعرة من استقرار مملكتنا الحبيبة وقادتنا - حفظهم الله- وأن الدائرة ستدور عليهم وسيكتون بنار الإرهاب كما حاولوا بثها ونشرها في ربوع العالم وخاصة العربي.