د. خيرية السقاف
لكل حدث حالة، وحين يكون الحدث اعتداءً على جزء في «الوطن»، فإن الحالة أن ينزل
الأفراد بكلِّياتهم للميدان فهم الأعضاء في جسده، وللجسد أن تتحدث عنه الأعضاء، وحديث الوطن جملة فداء، وحرف عطاء، وعبارة استثناء..
من يُستثنى في النفس غير الوطن؟!..
من يُعطى الروح غير الوطن؟!..
من تُلضم في عُقد جيده لآلئ الكلمات غير الوطن؟!..
من تُقوَّم في مخارج الصغار الكلمة عنه غير الوطن؟!..
من تُقطف ياسمينة الصبح لأجل عينيه غير الوطن؟!..
من تُعلى الرايات في سمائه علمًا، وفكرًا، وفنونًا، وأدبًا، وشعرًا، وإعلامًا، وتعليمًا، وطبًا، واقتصادًا غير الوطن؟!..
وفي المقابل من يمنح هؤلاء كلهم الأمان، وإيذان السلام، وبوصلة المسار، وفيء الراحة، وفضاء الإبحار، وكنوز العطاء، وسقف الحماية، وفِراش الراحة، وآماد الأحلام، ومراكب الأماني غير الوطن؟!..
الوطن جواز سفرك، وقطرة سقياك، وثمرة طعامك، ودواء سُقمك، وحرف علمك، وكلمة خبرتك، ووشاح ظلك، وراية عزك، وملاذ تيهك..
بيتك الذي تؤوب إليه، وبابك الذي يُشرع لك، دفؤك في الصقيع، وملجأك في الخوف، وراحتك في المرض، ونبع علمك في الجهل، وكيس نقدك في الفاقة، وصوت يؤنس وحشتك في غربة، وحداء يساير دروبك، ورصيف تؤوب إليه من وعثائك..
الوطن الآن في حالة اعتداء، وكل فرد في المقابل في حالة استنفار، لا يُشغل بغيره،..
كل كلمة له، وكل نبض لأجله، وكل استقامة في دربه، وكل حماية لأسواره، وكل فكرة في نسيجه، وكل عضو مسؤول عن فعله في منظومة الإحساس به، والعمل من أجله..
أيها الوطن الغالي: من شهقة المولود، لزفرة روح الذي يموت،
أنت بينهما الروح..
حماك الله، وحرسك، وزاد عزك، ورفع أعمدتك، ودك حصون أعدائك بوعده الذي لا يُخلف: «قريب أجيب دعوة الداعي»..
اللهم ندعوك كما أمرتنا فاستجب لنا كما وعدتنا؛ احفظ هذا الوطن آمنا، وأحبط عمل كل عدو له ظاهرًا، وخفيًا..