فهد بن جليد
البحث في (قوقل) عن علاج أسهل وأرخص بكثير من الذهاب للطبيب، وكذلك البحث عن (استشارة طبية) عبر الهاتف عن بعد، نحن لا نختلف كثيراً عن شعوب العالم التي تتصفَّح الإنترنت للبحث عن (العلاج) بمجرَّد الشعور بالألم توفيراً للمال والجهد والوقت، ما نتميز به عن الآخرين هو أنَّنا نتبادل ونتشارك النتائج مع الآخرين عند شعورهم بألم مُشابه، وهو ما يُشكِّل خطورة (مركَّبة) تجاوزت آثار صرف الأدوية -دون وصفة طبية- من الصيدلي، إلى ترشيح أفضل وأنسب الأدوية للمرضى الآخرين بحسب الخبرة والتجربة، وهو ما يجب أن تواجهه وزارة الصحة وتحذِّر منه، خصوصاً مع موجة التشجيع على (تثقيف المرضى) حول الأدوية ونوعياتها وأعراض وآثار الأمراض قبل زيارة الطبيب، والذي أخرج لنا من بين المرضى (أطباء) بالخبرة والتجربة، مثل هذه التصرفات لها آثارها الوخيمة بعد اعتماد (التطبُّب الذاتي) بمُساعدة (قوقل) مع الاستغناء عن زيارة الطبيب.
بموازاة ذلك ظهرت مشكلة جديدة وهي كثرة استخدام الدواء -دون وصفة طبية- للشعور بالراحة وليس للعلاج، وهو أمر في غاية الخطورة، له آثار نفسية وصحية بتحوله (لعادة شخصية) مُرتبطة بالإنسان لمواصلة العمل أو الشعور بالراحة وتحسين المزاج وليس لحاجة طبية علاجية بموجب -رأي طبي- العالم كله يشعر بحجم هذه المشكلة، لذا تتكرَّر التحذيرات من عواقب هذا السلوك الخاطئ كما وصفته مؤخراً -الجمعية المهنية للأطباء النفسيين الألمان- بتأكيدها أنَّ الشخص قد يسيء استخدام الأدوية كمسكنات ومُهدئات -دون وصفة- بمجرَّد شعوره بالراحة، وهو ما قد يكلِّفه خسائر مالية إضافية دون حاجة، خلافاً للأضرار الصحية المتوقعة.
الأمر لا يخص مجتمعات العالم الثالث، دول مُتقدمة مثل بريطانيا أعلنت أن (نصف مرضاها) يكتفون اليوم بالبحث عن وصفات طبية مناسبة للأعراض التي يشعرون بها من (قوقل) دون الحاجة لزيارة الطبيب، بل إنَّ المرضى في الولايات المتحدة الأمريكية ينفقون أكثر من 20 مليار دولار سنوياً بسبب مُبالغتهم في البحث عن الأدوية بمساعدة (قوقل)، نحن نتحدث عن مئات المواقع الكورية واليابانية التي تشخِّص الأمراض إلكترونياً، التجارب العالمية تتوسع في هذا الاتجاه ما بين شعوب ترى في ذلك تقدماً وتحضّراً علمياً رغم شمولها (بالتأمين الطبي)، وأخرى ترى فيه توفيراً للمال ومنعاً لاستغلال الأطباء وتشخصيهم، (مجانية العلاج) لدينا جعلتنا ما بين هذا وذاك، في موقف يحتاج جدية أكثر للحد من انتشار الظاهرة.
وعلى دروب الخير نلتقي.