ثمن عدد من المسئولين والمهتمين بالتراث توجيه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظه الله- بترميم قصر الأميرة نورة بنت عبد الرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود (قصر الشمسية) بالرياض على نفقته الخاصة.
وأكدوا في تصريحات لـ«الجزيرة» أن هذا التوجيه يأتي في سياق حرصه المستمر -حفظه الله- على حماية وتأهيل المواقع التراثية، وخاصة المباني المرتبطة ببداية تأسيس المملكة.
مشيرين إلى أن لفتة سمو ولي العهد هي وفاء لشخصية تاريخية وإجلال لدورها المؤثر والعميق، واقتداء لتوجهات ونهج خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بالاهتمام بالجذور التاريخية للوطن.
وفاء لشخصية تاريخية
فقد أشاد معالي الدكتور فهد السماري الأمين العام المكلف لدارة الملك عبدالعزيز بتوجيه سمو ولي العهد بترميم قصر الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، منوها بمبادرات سموه المتعددة لحماية التراث الوطني:
وقال: «إن تكفل سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- بترميم قصر الشمسية الذي يعود إلى الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بن فيصل آل سعود على نفقته الخاصة وفاء من جهتين؛ فهو وفاء لشخصية تاريخية وإجلال لدورها المؤثر والعميق، ووفاء واقتداء لتوجهات خادم الحرمين الشريفين بالاهتمام بالجذور التاريخية للوطن بما تتضمنه من مفردات عمرانية ومعالم أثرية وشواهد زمنية وتراث ومآثر فكرية، ومن جهة أخرى تقديم رسالة للمجتمع وبخاصة الشباب بضرورة العناية بالآثار والمعالم التاريخية لكونها وعاءً تاريخيًّا يختزن مئات المعلومات والدلالات ويمكن الإفادة منه أكثر من جانب».
وأضاف: «أننا كمجتمع حين نستحضر هذا القصر ذا الرمزية الوطنية ومؤسسة مهمة مثل جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن إحدى أهم الجامعات النوعية والآخذة بأسباب التعليم الحديث، نستشف بكل اعتزاز وفخر المعادلة السعودية الخاصة بالجمع بين الماضي والحاضر في رؤية واحدة هي سر تميزنا واعتزازنا وتوهجنا، فسمو ولي العهد -حفظه الله- يقدم درسًا وراء درس بأهمية الاتكاء على المخزون التاريخي العريق في رؤية المملكة 2030؛ فالدول والمجتمعات تنهض وتتطور بجوار تاريخها لأن فيه قوتها.»
وأبان د. السماري أن قصر الشمسية هو هدية الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- لأخته الأميرة نورة وزوجها الأمير سعود رحمهما الله لدورها الكبير في استرداد الرياض وتحفيز شقيقها مؤسس المملكة العربية السعودية، وكان للقصر دور اجتماعي بعد توحيد البلاد حيث كانت الأميرة نورة تستقبل فيه عقيلات الرؤساء وأسرهم الذين يزورون المملكة، كما كانت - رحمها الله - تعقد فيه حلقات تحفيظ القرآن الكريم للأطفال وتنفق عليهم الجوائز التشجيعية، وكان مآلاً للفقراء والمساكين وتلك معادلة سعودية أخرى.وشدد على أن قرار سمو ولي العهد -حفظه الله- بإعادة القصر إلى الواجهة التاريخية والمعرفية وبهدف تعميق السياحة التاريخية سواء الداخلية أو الخارجية هو دلالة على وعي سموه الكبير بأهمية التاريخ والمكتسبات الوطنية التي تعبر عن العمق الحضاري للبلاد.
وأضاف: «لا نملك أمام هذه اللفتة الواعية والمؤثرة إلا أن نرفع آيات الشكر والعرفان إلى مقام خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله- لهذه العناية الضافية للتاريخ بمآثره وبآثاره وإثرائه، وإلى سمو ولي العهد -يحفظه الله- لهذه اللفتة الكبيرة وهذا الوفاء النبيل بركائز التاريخ الوطني».
تراثنا في أيد أمينة
واعتبر الدكتور أحمد بن عمر الزيلعي عالم الآثار وعضو مجلس الشورى أن توجيه الأمير محمد بن سلمان بترميم قصر الشمسية على نفقته، مكرمة سيسجلها التاريخ بأحرف من ذهب.
وقال: «أفرحني جدا توجيه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظه الله- بترميم قصر الأميرة نورة بنت عبد الرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود (قصر الشمسية) بالرياض على نفقته الخاصة، وتلك لفتة كريمة ومشكورة من سموه ، فهذا القصر من القصور التاريخية المهمة لارتباطه بسمو الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، وهي من هي بالنسبة لأخيها المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، فضلا عن قيمته التراثية بوصفه معلما تاريخيا من معالم التراث الوطني الذي ينبغي صيانته والمحافظة عليه».
وأضاف: «كنت قبل بضع سنوات طرحت على مجلس إدارة الجمعية السعودية للمحافظة على التراث فكرة ترميمه على نفقة جامعة الأميرة نورة بوصفها تحمل اسم صاحبة القصر، ولكن الفكرة لم تلق الحماس الكافي، والحمدلله أن تفضل الأمير محمد بن سلمان مشكورا بمكرمته هذه التي سيسجلها التاريخ بأحرف من ذهب، فكثر الله خير سموه وأعانه ووفقه وأخذ بيده لما فيه خير الوطن والمواطن، فالتراث السعودي بحاجة ماسة إلى مزيد من الاهتمام والعناية، وحينما يأتي هذا الاهتمام والعناية من لدن سمو ولي العهد فإن ذلك يعني أن تراثنا في أيد أمينة، وأن صيانته والمحافظة عليه وإتاحته للدارسين والباحثين والسياح من الواجبات الوطنية التي تحرص عليها حكومتنا الرشيدة، وعلى رأسها ولي أمر هذه البلاد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله، محب التاريخ وعاشق التراث والثقافة حفظه الله وأيده بنصره».
إضافة مهمة لمشاريع القصور التاريخية
بدوره ثمن الأستاذ رستم الكبيسي نائب الرئيس لقطاع التراث الوطني بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني توجيه سمو ولي العهد يحفظه الله بترميم قصر الأميرة نورة بنت عبد الرحمن.
مشيرا إلى أن هذا التوجيه الكريم يأتي في سياق اهتمامه وعنايته حفظه الله بمواقع التراث الوطني، لاسيما المواقع والمباني ذات العلاقة بتاريخ المملكة وملحمة توحيدها وتأسيسها.
ولفت الكبيسي إلى أن قصور الدولة التاريخية تمثل مسارا رئيسا في مشاريع الترميم والتأهيل التي ينفذها قطاع التراث الوطني بالهيئة لما لها من دور هام في حفظ تاريخ المملكة وإبرازه للأجيال، منوها إلى أن مشروع ترميم قصر الأميرة نورة سيكون إضافة مهمة لمشاريع القصور التاريخية التي شهدت جهودا للترميم والتأهيل، كما أنه سيكون أحد المعالم التاريخية المهمة في العاصمة التي تعرف الزوار وخاصة النشء بجوانب من تاريخ المملكة وملحمة التوحيد، والبناء والاستقرار.
وأشاد الكبيسي بما تشهده المملكة من نقلة نوعية في الاهتمام بالتراث الوطني بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله رجل التاريخ والحضارة، حيث يمثل التراث مصدرا للانتماء والاعتزاز بتاريخ الوطن وحضاراته.
يذكر أن الأميرة نورة بنت عبد الرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود التي ولدت في عام 1292 للهجرة في مدينة الرياض، استطاعت في فترة وجيزة أن تسجل حضوراً لافتاً في التاريخ السعودي، وعرف عنها الحكمة كونها مستشارة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود في شؤون الأسرة، كما مارست بشخصيتها الرائدة دوراً فاعلاً في العمل الخيري والاجتماعي، فيما توفيت -رحمها الله- عن عمر يناهز 77 عاماً في عام 1368 للهجرة.
ويقع قصر الأميرة نورة بنت عبد الرحمن الفيصل آل سعود المعروف بقصر الشمسية، على الضفة الغربية من وادي البطحاء بالقرب من حي المربع في مدينة الرياض.