عندما شرعت في كتابة مقالتي عن اليوم الوطني لم أشأ أن أجعلها فقط للتذكير بإنجازات الآباء والأجداد التي وضعت اللبنة الرئيسية لهذه الدولة العظمى ذات العمق التاريخي المتصل بالعديد من الحضارات المحيطة بها، ولكني أردت أن يكون هذا المقال رسالة إلى جميع أبناء الوطن، كبيرهم وصغيرهم، نسائهم ورجالهم، بكل أطيافهم ومعتقداتهم؛ لأذكرهم بأننا في هذا الوقت بالتحديد نريد أن نكون على قلب رجل واحد خلف وطننا الحبيب؛ فقد تكالب علينا الأعداء من كل حدب وصوب، يريدون أن ينالوا منا، وأن يفرقونا شيعًا؛ ليسهل عليهم هدم هذا الوطن المحمي بآيات الله وأيدي رجاله الأوفياء.
إن هذا اليوم ليس فقط للتعبير عن حب الوطن والفخر به من خلال الاحتفالات أو المهرجانات أو حتى المسيرات، بل بالفعل والقول والبُعد عن الفُرقة والتشرذم؛ فأعداؤنا لم يعد يكفيهم إشغالنا في حروب خارجية بل أصبح استهداف أبناء الوطن وإضعاف انتمائهم له هدفًا أساسيًّا لهم.. يريدون أن يغرقوا المجتمع في حالة من التخبط والتشتت، يريدون أن يفرطوا عقد الوطن الذي نظمه الأوائل بكل حنكة وخبرة وقوة، يريدون أن يسقطوا حبات هذا العقد بتزكية الدسائس بين أبناء المجتمع وبعضهم بعضًا، وبين أبناء المجتمع وقاداته.. إنهم لا يستهدفوننا إلا رغبة في السطو على ما حبانا الله به من خيرات ومقدرات، يريدون أن يوقفوا عجلة التقدم والتطور التي يقودها قادتنا بكل حنكة وخبرة، التي عجز العالم كله - ولله الحمد - عن تخيلها، وكيف وصلنا لما نحن فيه خلال هذه الفترة القصيرة، خاصة أن هناك من الأمم من لا يزال يعيش على ماضٍ قد ولى وانتهى، ولم يعد منه سوى خيالات في عقول حكامه الضعاف.. يريدون أن يعيدونا إلى الوراء، إلى مرحلة ولت وانتهت، ولن تعود - بإذن الله - ما دام على رأس هذه الدولة سلمان بن عبد العزيز وعضده وسنده أبو سلمان.
ومن هذا المنطلق أنادي أبناء وطني الأوفياء: لا يكن جُل همكم الاحتفال لمدة يوم أو يومين، بل عليكم بالعمل، والعمل فقط، بكل همة وقوة، ودون هوادة؛ لنحقق لوطننا ما نصبو نحن أنفسنا إليه. يا أبناء الوطن.. تكاتفوا خلف قيادة وهبنا الله إياها؛ لتقودنا من المواضع الضيقة إلى أوسع الآفاق الإقليمية والعالمية؛ لنكون كما نحن عليه قادة للعالم أجمع في كل مجالاته.. تكاتفوا خلف قيادتنا، وهم جزء منا، ولم يكونوا وسطنا وأكثر قربًا منا كما نحن عليه الآن.
ولكل أب وأم أقول لهم: إن هذا اليوم فرصة لكم لتنمُّوا في أبنائكم حب الوطن.. اقرؤوا لهم تاريخنا المجيد، ازرعوا في نفوسهم أن بناء الوطن لا يتم من خلال الاحتفالات، ولكن بإذكاء الهمم، وتشمير السواعد، والجد في العمل.. حققوا مغزى عبارة «وطن لا نحميه لا نستحق العيش فيه» بكل ما جاء فيها؛ فالحماية ليست فقط بالسلاح، ولكن بكل ما ينفع الوطن، ويردع أعداءه. انشروا أيها الآباء المحبة بين أبناء الوطن، وليكن شعارنا جميعًا (وطننا الغالي نفداك).
** **
- د. شريف بن محمد الأتربي
sherifelatrbi1967@yahoo.com