لم تكن النهضة التي تشهدها المملكة وليدة الصدفة، وإنما كانت نتيجة ومحصلة لتخطيط وجهد وكفاح ونضال دام لأمد طويل، وها هو التاريخ يدوّن بين طياته صفحة من أنصع الصفحات لهذا الكفاح في يوم خالد من أيام الوطن المجيدة الذي وحّد فيه الملك المؤسس -طيب الله ثراه- ربوع الوطن مترامي الأطراف هذا الوطن العزيز على قلوبنا الذي انطلق منه نور الإسلام وهدي الأنام إلى البرية جمعاء، فجمع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود القلوب وألف بينها فتوحدت الصفوف والسواعد وقاموا على قلب رجل واحد لإقامة هذا الصرح
الزاخر بالعلا، فأعد العدة وانطلق يقطع الصحاري يناضل ويجاهد رافعًا راية التوحيد على خُطى الأولين بحنكة ودهاء ورأي رصين ويطل التاريخ من شرفته الشاهقة ليجد كيانًا تقر به الأعين وتسر به القلوب على خطى واثقة ليزداد البناء تماسكًا وعزة وقوة يومًا بعد يوم وكان لأول الميزان موعد مع القدر قبل تسعة وثمانين عامًا، حينما أعلن الملك عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- قيام المملكة العربية السعودية. إن هذا الحدث التاريخي المهم قد جاء في هذا اليوم الذي قاد إلى كثير من التغيرات والتحولات والتطورات في مختلف الميادين.
الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والسياسية والأمنية وغيرها من المجالات التي ظهرت خلال تسعة وثمانين عامًا من إنجازات حضارية بالكم والكيف وما يحدث من مزيد من التقدم والازدهار. لقد كان هذا اليوم بداية البداية للانطلاق نحو الإنجازات المجيدة لحاضر مشرق ومستقبل باهر. وهذا ما يلمسه ويراه وينعم به المواطن من منجزات حضارية في مختلف الميادين التنموية. إن ما حدث خلال تلك الفترة يظهر مدى التباين الكبير بين ما كانت عليه البلاد قبل التأسيس وما هي عليه الآن، إنها مرحلة من الكفاح الشاق بدأت بها المملكة رغم العراقيل التي تحول دون تحقيق أي إنجازات ليس لكونها أرضًا صحراوية قاحلة فحسب وإنما أيضًا لعدم توافر الإمكانات المتاحة والقدرات اللازمة للانطلاق، إلا أن القائد المؤسس كان يملك من الصفات ما أهله لأن ينطلق إلى الأمام لتكون بداية الدخول لبوابة التنمية مما كان لها دور كبير بفضل الله ومنته لظهور النهضة الشاملة التي تزداد عمقًا وشموخًا عامًا بعد آخر.
** **
د.عبدالرحمن بن عبدالله المشيقح - عضو مجلس الشورى السابق رئيس مجلس أمناء جامعة المستقبل ببريدة