«الجزيرة» سهام الرميح:
في اليوم الوطني مشاعرنا نحن أمهات الشهداء استثنائية، فبين سطور الكلمات ولغة الحروف أحاسيس مختلطة، تحركها مشاعر قلب أم أهدت للوطن أغلى ما عندها إنه «عبدالله «قطعة نزعت من قلبي ولا يزال مكانها نازفاً، فأنا الأم الصابرة المكلومة أصارع حنين الذكريات، ولوعة الفقد بفخري وشموخي واعتزازي بلقب أم الشهيد التي قدمت للوطن بطلاً ارتقت روحه تلبية لنداء الواجب الوطني ليهب حياة آمنة للسعودية وشعبها، ليسجل في صفحات التاريخ بطولة جنودنا البواسل الذين صمدوا، وثبتوا، وجعلوا من صدورهم دروعاً رخيصة في سبيل أمن الوطن. هم الأسود الذين سطروا بدمائهم وتضحياتهم مجد السعودية وعزها لتحفر أسماءهم أوسمةً خالدة في قلوبنا وذاكرتنا أبد الدهر.
فدموع الفراق تختلط بفخرنا بكل قطرة دم سالت لتروي تراب مملكتنا الأبية من أجل قبلة الإسلام المحمية بفضل الله ثم بفضل إخلاص وتفاني جنودنا الساهرين على أمن البلاد والعباد. فأي فخرٍ يابني! وأنت الشهيد وأنا أم الشهيد الذي قدم روحه فداء للحرمين مقبلٍ غير مدبر. -رحمك الله - يامن كنت لي السند والابن البار الذي انتظرت شبابه ونجاحه بقلبي قبل عيني وشاءت إرادة الله أن يختارك إلى جواره شهيداً بعد أن اشتد عودك واكتمل بنيانك وزاد فرحي بك ضابطاً ناجحاً متميزاً بعملك، وقريبا إلى قلبي بحنانك وبرك واليوم يحتضن روحك الطاهرة تراب الوطن الذي دافعت عنه بشبابك وحصنت حدوده بصدرك قبل سلاحك وتمنيت الشهادة بكل شجاعةٍ وإقدام وأصبت مرة وثانية متجلداً شجاعاً تطالب بالعودة لأرض المعركة، تحمل داخلك حلماً وتصميماً لدحر العدو الحوثي الآثم وكانت الإصابة الثالثة تحقيقاً لأمنية طلبتها صادقاً فتحققت.
لقد عشت بطلا ًوترجلت بطلاً. صدقت مع الله فصدقك، فاصطفاك بالشهادة. فأي فخر نلته يابني وأي شموخ اعتليته، وأي عز ٍأهديته لأمك ولأسرتك!
أبناؤنا الشهداء
لقد استشهدتم لنحيا، ويبقى الوطن شامخاً لننام قريري الأعين، آمنين، مطمئنين، لنقبل ترابه ونعانقه كلما اشتقنا إلى رائحتكم التي يفوح شذاها من تلكم الدماء المختلطة في سماء المجد وفي قمة الفخر والاعتزاز تنتابني لحظات شوق لبطل رحل عن عالمي ولم يرحل من قلبي، سامحني يا بني؟! لأن دموعي تتساقط عندما تهب في صدري رياح الاشتياق، عندما يهتف في مسمعي صوتك وهو يناديني، عندما أحن لاتصالك الدائم بي، عندما أمر بصفحتك وأقرأ محادثاتك القديمة.
لن أرثيك يا شهيدي فمثلك لا يرثى، ولكني أرثي احتياجي واشتياقي لك مع استحالة اللقاء.
لن أبكيك اعتراضاً وجزعاً ولكن أبكيك شوقاً وحباً فعزائي يا فقيدي أنك شهيد دين وشهيد بلاد الحرمين.
أعجب لنفسي كيف تبكيك؟! وأنت تميزت عن الأموات بشهادة لا لبس فيها فهنيئا لكم شهداء الحرمين.
(عبدالله) كنت أول المهنئين لي باليوم الوطني واليوم الوطن وأبناؤه يهمسون لي لقد سرت دماء ابنك في أمننا وراحتنا، فحق علينا أن نكون لك العوض، فأي تكريمٍ وتشريفٍ أن يتعهد ولي العهد حفظه الله أن يكون لنا الابن والأخ والأب عوضاً عمن فقدنا!، وأي محبةٍ خصنا الله بها نحن أمهات الشهداء!، وأي رفعةكتبها الله لنا لنلقب بهذا اللقب !ألسنا من أنجب أبطالاً تركوا الدنيا وزينتها ليدافعوا عنا وعن بلادنا الغالية!؟
رحم الله شهداء الوطن وغفر لهم، ونصر الله جنودنا المرابطين على الثغور وفي الحد الجنوبي وأعادهم سالمين إلى ذويهم، وختم وأنهى عاصفة الحزم بالنصر والتمكين، وحفظ الله مليكنا سلمان وولي عهده الأمين الذي قفز ببلادنا قفزات عانقت حدود السماء، وكل عام ووطني السعودية ينعم بالأمن والأمان.