تطل علينا الذكرى التاسعة والثمانون ليوم تأسيس المملكة العربية السعودية، وتحمل معها كل ألوان الفرح والابتهاج بهذا اليوم الاستثنائي في تاريخ البلاد. ويحتفل المواطنون بهذه المناسبة الغالية في كل عام اعتزازًا بهذا اليوم الخالد، واستنهاضًا لقدراتهم من أجل غد مشرق ووطن يلامس عنان السماء، بفكر قادته الحكماء، وجهد أبنائه الأوفياء. ويتكرر احتفالنا بيوم الوطن كلما أطلت ذكراه العطرة، ويتجدد الفرح من الأعماق حبًّا ووفاء لهذا الوطن الشامخ الأبي. ويعقد المواطنون العزم على البناء والتنمية، ويرتفع سقف الطموح استحضارًا لعظمة المملكة، واستشعارًا لمكانتها المرموقة بين دول العالم، سياسيًّا، واقتصاديًّا، وماليًّا، وإنسانيًّا.. وهذا يدفعنا لبذل كل غالٍ ونفيس من أجل الحفاظ على هذه المكانة العالية، والارتقاء بها أكثر، ترجمة لحبنا لوطننا، وتجسيدًا لقيم ومعاني ذكرى التأسيس، واستجابة لما هو مطلوب منا نحن المواطنين الذين ننعم بالأمن والاستقرار والوفرة والرخاء في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع - حفظهما الله -.
إن رؤية الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود - طيب الله ثراه - نحو بناء دولة المستقبل كانت تنطلق من مفهوم أن الإنسان هو الثروة الحقيقية والرهان الأقوى في عملية البناء والتنمية؛ لذا لم يكن حرصه - رحمه الله - منصبًّا على توحيد الرقعة الجغرافية وحسب، بل حرص على توحيد القبائل، وتوحيد كلمة أبناء المملكة في كل مكان؛ فاهتم - رحمه الله - بهذا الإنسان، ووضع الخطط والأفكار الكفيلة بتكريمه، وتحقيق رفاهيته، وتوفير الحياة الكريمة له، والعمل من أجل راحته، وتوفير متطلباته الحياتية كافة. ولا شك أن المستوى الرفيع من الخدمات التعليمية والصحية والبلدية التي يتمتع بها المواطن السعودي يجسد اهتمام القيادة بالمواطنين، ويبرهن على سير ولاة الأمر - حفظهم الله - على منهجية المؤسس باعتبار المواطن هو رأس المال الحقيقي، والضامن الأول لنهضة البلاد وتقدمها وازدهارها، من خلال حسه الوطني والأمني الذي يترجمه التفاف المواطنين حول قيادتهم الرشيدة، والعمل معًا لمواجهة التحديات، والتصدي للمهددات أيًّا كان نوعها ومصدرها وحجمها. ويعبّر احتفالنا بهذه الذكرى العطرة عن حبنا لهذا الوطن الغالي، والاعتزاز والفخر بكل ما بذل من جهود وتضحيات في سبيل وحدته.. وكذلك يعبّر عن الفرحة بهذه المناسبة السعيدة، وترسيخ مفاهيمها؛ ليصبح حب الوطن ثقافة مجتمع، وتكريس معانيها لدى الأجيال الواعدة.
الرؤية السعودية استحضرت قيم الماضي، واستلهمت تطلعات الحاضر والمستقبل من خلال ما طرحته من أفكار عميقة، تترجم إلى مشاريع وبرامج واقعية، تنقل المملكة إلى آفاق أرحب على صعيد التطور الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وتعزز مشاركة شرائح المجتمع كافة في التحول الوطني، ولاسيما المرأة التي أصبحت تسهم بشكل أكبر في عملية البناء والتنمية. وركزت رؤية 2030 على تنويع الموارد، وتطوير القدرات، وتكريس مبدأ الشفافية والمحاسبة، وتفعيل دور الكوادر الوطنية، وتوليد الوظائف النوعية للشباب السعودي، وتأهيلهم تأهيلاً عاليًا، يواكب متطلبات سوق العمل. وكذلك تعزيز المحتوى المحلي، وزيادة مشاركة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي، وتطوير الصناعات المحلية.
في ذكرى يوم التأسيس نستشعر القيم العالية التي تتضمنها الرؤية الثاقبة، والنتائج المأمولة من تلك الخطط والبرامج، والأهداف السامية لهذه الرؤية التي تتسق وتنسجم مع المبادئ والقيم والآمال العريضة، والمستقبل الزاهر المنظور لهذا الوطن الغالي منذ أن وضع دعائمه وركائزه الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود - طيب الله ثراه -. وهكذا يمتزج الماضي بالحاضر وبآمال المستقبل في الذكرى التاسعة والثمانين لقيام المملكة العربية السعودية.
نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات لقيادتنا الرشيدة - أيدها الله - بهذه المناسبة الغالية، وللمواطنين كافة، سائلين الله أن تعود علينا هذه الذكرى الطيبة وبلادنا ترفل في ثوب الأمن والاستقرار والرخاء في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله ومتعهما بتمام الصحة والعافية -.