د. أحمد الفراج
بعد الحادث الإرهابي الذي تعرضت له مدينة بقيق، وهو يتجاوز في حجمه أي حدث إرهابي فيما مضى، نظرًا لبعده العالمي، إذ إنه يتعلق بشريان الاقتصاد العالمي، وبعد التصريحات التي أطلقها الرئيس ترمب حيال ذلك، طار خصوم المملكة بتلك التصريحات، وبدأنا نسمع نغمة أن أمريكا لم تعد بحاجة لنفط المملكة، وبالتالي لم تعد تهمها منطقة الخليج، ونظرًا لسذاجة هذا الطرح، بات لزامًا أن نتحدث عن بعض الحقائق، التي يدركها المعلق الموضوعي.
اشتهر ترمب بالتصريحات الغريبة، مثل قوله إن زعيم كوريا الشمالية يحبني، وتصريحه ذات مرة بأن أجهزة الاستخبارات الأمريكية زوّدته بمعلومات عن التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، ثم أضاف: «ولكن الرئيس بوتين أخبرني بأن روسيا لم تتدخل»، وقد أثار هذا التصريح الكثير من القلق في الدوائر الأمريكية، لأن ترمب يضع أجهزة بلاده الأمنية في ذات السياق، مع زعيم دولة أجنبية، تعتبر خصمًا شرسًا لأمريكا، ومن يفهم معطيات الأحداث ضمن هذا الإطار، يدرك أن تصريحات ترمب تخرج عن خط تصريحات رؤساء أمريكا السابقين، إذ إن تصريحًا واحدًا لرئيس أمريكي، من الممكن أن يحدث زلزالاً كبيرًا، كما حدث عندما صرح أوباما بأن على حسني مبارك أن يرحل اليوم وليس غدًا، وتم ذلك بالفعل.
وزير خارجية ترمب السابق، ريكس تيلرسون، قال قبل أيام: «إن مشكلة ترمب تكمن في أنه يسهل التأثير عليه»، وتيلرسون يريد أن يقول هنا بأن ترمب من الممكن أن يتأثر برأي أحد مستشاريه حيال قضية ما، ثم يصرح عطفًا على ذلك، ثم يستمع لرأي وزير الدفاع، على سبيل المثال، فيصرح بتصريح مناقض لتصريحه الأول، وهذا أمر مفهوم، لأن ترمب لا يملك أي خبرة سياسية سابقة، علاوة على طبيعته الشخصية، إذ هو عنيد ونرجسي، ويغلب عليه طبع رجل الأعمال المتفرد بالقرار، ومن هنا يمكن فهم تناقضات ترمب، وتصريحاته حيال إيران، وحيال حادثة بقيق، وإذا تجاوزنا ذلك إلى النقطة الأهم، أي أهمية المملكة من عدمها لأمريكا، فإن المساحة المتاحة لا تسمح بالتفصيل، ولذا سيكون ذلك هو موضوع المقال القادم!.