رجاء العتيبي
حديثنا هنا عن الأفلام التي تنتجها الجهات (حكومية/ أهلية) بمناسبة اليوم الوطني، باعتباره اتجاه بدأ يأخذ وضعًا خلال السنوات الأخيرة، وبدأ ينتشر بشكل كبير، وله متابعة واسعة، فكل مؤسسة حكومية أو أهلية بدأت تخصص ميزانية لإنتاج أفلام قصيرة تقدم رسائل وطنية تدعم توجه الدولة، وذلك نابعا من مسؤوليتها الوطنية والاجتماعية.
فكرة هذا الاتجاه مقبولة جدا، والرسائل محفزة، والجودة التقنية عالية، والوطن يستحق، كل ذلك لا غبار عليه، وليس موضع جدل.
الذي يهمنا في كل ما سبق هو (صناعة المحتوى) وتشمل كل عناصر الفيلم من الداخل، فيما يتعلق بالعملية (الفكرية) أو (الإبداعية) أو (الرؤية الفنية)، هذه النقطة هي التي ما زالت محور النقاش والجدل والقبول والرفض للأفلام التي تنتجها تلك الجهات عن الوطن في يوم الوطن.
ونحن نتحدث عن (صناعة المحتوى) لليوم الوطني، لا نتخيل مطلقًا أن الذي (يصنعه) أناس من غير السعوديين، على اعتبار أن السعوديين هم الأقدر على صناعة المحتوى المحلي، وهذه القناعة غير قابلة للنقاش تحت أي ظرف، لا يمكن أن يصنع المحتوى إلا أناس من أبناء الوطن، ليس قصورًا في الآخرين من غير السعوديين ولكن كل فرد يعرف ماذا يريد مجتمعه. تمامًا مثلما أن السعودي لا يمكن أن يصنع محتوى لدولة مغاربية مثلا، فالأمر لكلا الطرفين، بل لكل الأطراف.
مثل هذا الكلام يكثر الحديث عنه عندما نشاهد (أفلاما تتضمن رسائل وطنية) يصنعها آخرون من جنسيات مختلفة، هنا يمكنك أن (تضحك) أو (تتعجب) أو (تندهش) أو (تمتعض) أو (تتحسر) أو.. أو.. أو.. لأن الذي تشاهده لا يمت لمجتمعنا بصلة أو أنه عرض بشكل مشوه، أو أن اللهجة مكسرة، أو أن الفكرة مكرورة وتقليدية.
في احتفالية هذا العام رأينا فيلما عبارة عن كلوزات (لأيدي كبيرات في السن) مليئة بأحدث وأرقى المجوهرات وكأن الفيلم دعاية لمحل مجوهرات وليس لمجرد مكتبة، أما إذا رحت (تدقق) في جمل الدعاء فهي حكاية أخرى، دعوات لا يقلنها جداتنا بالصيغة التي جاءت في الفيلم.
هذا مجرد مثال, وإلا فإن القائمة تطول, والمساحة هنا ليست استعراضا لتلك الأفلام بقدر ماهي إشارة إلى أهمية (محتوى اليوم الوطني) حتى لا يحصل أخطاء فادحة قد تحيد بالفيلم عن مساره.
والحل المبدئي أن كل جهة تستعين بمستشار له دراية بصناعة الأفلام وصناعة المحتوى يبدأ رأيه من بداية الفكرة وكتابتها وعناصرها حتى لا تحصل أخطاء تشوه يومنا الوطني باجتهادات وأفكار لا تمثلنا ولا تمثل الوطن.
ما الفائدة من فيلم (عن اليوم الوطني) ذو جودة تقنية عالية، ومخرج سينمائي متمكن, وطاقم عمل فني محترف، وخبراء أجانب، وميزانية كبيرة، ما الفائدة من كل ذلك (والمحتوى) به (هنّات)؟ سؤال يطرح باستمرار من النقاد والمهتمين بأفلام اليوم الوطني.