سمر المقرن
الحياء صفة محمودة، ليس للمرأة فقط بل حتى عند الرجل. لكن مواصفات الحياء تختلف من مجتمع لآخر، وهناك صفات حميدة تقتلها بعض المجتمعات تحت ذريعة الحياء أو حتى «الخجل» والذي حتى اليوم كثير من الناس لا يُفرق بينهما!
قصص من مجتمعات مختلفة.. جاكلين من كينيا، وراجا من الهند، وكادت تلحق بهما لوسي من إنجلترا. ثلاث زهرات صغيرات وقعن ضحية خجلهن من الدورة الشهرية وتوبيخهن من عقول محشوة بالتراب، ويجب أن تعلم صغيراتنا أن الطمث ليس خجلاً ولا عاراً ولا غضباً إلهياً، إنها ميزة خصّ بها رب العالمين الإناث لحفظ الدنيا من الانقراض، تكون خلالها المرأة أكثر صبراً ورقة في المشاعر، ولكن للأسف فالبعض منهن قد تصاب بمتلازمة ما قبل الحيض أو Body shaming بمعنى الخزي من الجسد، ويقعن ما بين مطرقة الهرمونات التي تؤثر على مستويات على الحالة المزاجية للشخص، وسندان المحيطين حولهم، خاصة لو كانوا معملين كادوا أن يكونوا رسلاً فرضوا الهبة ونصبوا من أنفسهم جلادين وقضاه ليحكموا بالإعدام على الصغيرات!
المأساة الأولى حدثت مؤخراً لفتاة كينية تدعى جاكلين 14 عاماً، انتحرت للأسف بعد أن طعنها أحد المعلمين في المدرسة بخنجر التوبيخ والسخرية بسبب بقعة دم تناثرت على مقعدها، فوصفها بالقذرة وطردها من الفصل أمام زميلاتها، فلم يتحمل قلب الصغيرة الصدمة التي هوت بها في مكان سحيق، وقامت بشنق نفسها لتغادر ليس الفصل المدرسي فقط ولكن الدنيا برمتها، لتعيد إلى ذهني المأساة الثانية لفتاة في جنوب الهند تدعى راجا 12 عاماً، وبختها مدرستها في الفصل أمام زميلاتها أيضاً بسبب تلطخ زيها المدرسي لتنتحر بالسم وتترك رسالة بدموع العين توضح فيها أسباب انتحارها. وإن كانت لوسي جرينجر بجامعة لينكولن البريطانية قد نجت من محاولة الانتحار لأن أهلها أنقذوها، فقد عانت أيضاً من اكتئاب الدورة الشهرية والسخرية منها، فحاولت الانتحار ولكن تم إنقاذها.
وتوجه المآسي الثلاث مطارق الاتهام لمجتمع لا يُقدر كيف تعاني المرأة عموماً والصغيرات خاصة من آلام الدورة الشهرية التي تحدث ثورة في الهرمونات تجعلها مكتئبة أو حزينة متألمة، وأهمس في أذن الصغيرات.. حبيبتي إن ما تعانين منه شهرياً ليس عاراً ولا يثير الاشمئزاز، ولأمهاتهن بأن يوجهن النصائح لبناتهن، فلا حياء في العلم بإعلامهن بتوقيتات مرروهن بها دون خجل حتى لا يتخبطن في الحياة، أو باحتوائهن نفسياً وعدم تكليف بناتهن بمهام بدنية صعبة، ووضع فوط مغلفة في حقيبتهن دائماً، وتعليمهن كيف يواجهن موقف تسرب قد يحدث في الخارج، وأهمية ارتداء ملابس داكنة، وللمحيطين بهن أن يتعاملوا بالرفق ونصح الصغيرات على انفراد ودون غلظة، أو امضوا في حال سبيلكم بلا أي تعليق ولو بنظرة حتى لا تصبن الصغيرات بحيرة السمك الذي جف غديره تأهباً لأيدي الصياد، تحت رحمة هرمون الأستروجين!