أحببت التعبير عمّا يجول في ذهني خلال هذه الظروف الاستثنائية التي مرّت على «أرامكو السعودية»، ومرّت على وطننا الغالي بعد تعرضنا الأسبوع الماضي، وعلى وجه التحديد في 14 سبتمبر 2019م لهجمات تخريبية جوية بحجم غير مسبوق على معامل خريص وبقيق، توقف بسببها نحو نصف إنتاج المملكة من النفط الخام، للتأثير ليس فقط على «أرامكو السعودية» والمملكة، ولكن أيضًا للتأثير على اقتصاد العالم.
لقد شعرت أن ما أود أن أقوله هو ما شاركت به زملائي العاملين الأبطال الذين يواصلون العمل ليلاً ونهارًا في منشآت بقيق وخريص. وقد تشرفت بزيارتهم الميدانية ونقلت لهم شكر قيادتنا الرشيدة على ما يقدمونه من أعمال بطولية تفوق الوصف في تلك المرافق العملاقة لاستعادة الإنتاج في وقت قياسي.
وحقيقة لا أجد من كلمات التعبير ما يفي هؤلاء الزملاء حقهم تجاه جهودهم الجبارة للمحافظة على سمعة المملكة وموثوقية «أرامكو السعودية». إن موثوقية الشركة تعتمد في المقام الأول، بعد توفيق الله، على موظفينا المخلصين والمتفانين والمدربين أفضل تدريب، وهو الشيء الذي نُعدّه أغلى من الذهب ولا يشترى بالمال. فبالإمكان أن نشتري المعدات، ولكننا لا نستطيع شراء عزائم الرجال وصلابتهم وإخلاصهم وقدراتهم الفذة وخصوصًا في الأوقات الصعبة.
وقد انشرح صدري حينما أطلعني فريق العمل في الميدان على أعمال استرداد الإنتاج التي تجري بشكل ممتاز، متضمنة مئات الآلاف من ساعات العمل. وكلي امتنان لموظفينا الذين سارعوا للاستجابة لنداء الواجب بهمة عالية لاستعادة الإنتاج في وقت قياسي، لنُبيّن للعالم أن المملكة مليئة بالقدرات البشرية والإمكانات التي تقهر الصعاب. فهؤلاء الموظفون الشجعان يبدعون في تطبيق أساليب هندسية مبتكرة تكاملية ويتبعون أصول السلامة حتى في أصعب الظروف والأزمات. ولا يخفى أنه في الظروف العصيبة كثيرًا ما يرتبك الناس وتحدث أخطاء. ولكن «أرامكو السعودية»، بحمد الله، في الظروف الطبيعية عظيمة، وقد أبهرت العالم قبل شهرين حينما أعلنت عن نتائجها التشغيلية والمالية للنصف الأول من عام 2019م، ولكن في الظروف الصعبة كالذي حدث، تكون «أرامكو السعودية» أعظم، وموظفوها لا يقدرون بثمن، وإرادتهم أصلب من الفولاذ.
وفِي رأيي أن ما يقوم به موظفو «أرامكو السعودية» هو جزء مما يقوم به عدد كبير من السعوديين المؤهلين في مختلف مناطق المملكة وهم يبنون مستقبلها في شتى القطاعات. فالمملكة وطن عريق ودولة قيادية فاعلة في العالم، وهي التي ستحتضن قمة العشرين العام المقبل بإذن الله، ولذلك فإن استرداد هؤلاء العاملين للإنتاج في فترة قياسية له آثار إيجابية كبيرة ليس فقط على المملكة، ولكن على اقتصاد العالم، وعلى الناس في كل مكان.
وأختم كلمتي بتقديم الشكر لقيادة المملكة التي دعمت أرامكو السعودية منذ أن تم توقيع اتفاقية تأسيس الشركة بتوجيه من القائد المؤسس الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه-، ومرورًا بملوك المملكة المتعاقبين -رحمهم الله-، وصولاً إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله وأدام عزهما. لقد حرصت قيادة المملكة على تمكين «أرامكو السعودية» بإعطائها الثقة والاستقلالية التجارية من حيث الحوكمة، ومنحها الدعم اللازم لتحقيق أقصى درجات النجاح والتميز لتكون في مكانة استثنائية لا نظير لها بين شركات النفط العالمية، وتبقى دعامة راسخة يعتمد عليها بإذن الله في التنمية، ووسيلة تمكين كبرى لبناء اقتصاد مستقبلي متنوع وقوي، يتوافق مع رؤية الوطن 2030م.
** **
المهندس أمين حسن الناصر - رئيس «أرامكو السعودية» وكبير إدارييها التنفيذيين