فضل بن سعد البوعينين
منذ أن أسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- المملكة وهي تواجه تحديات متنوعة، أهمها تحدي البقاء والنماء في منطقة تعصف بها القوى الأجنبية؛ فترسم مستقبلها، وتخط حدودها، وتغرس في جوانبها بذور الفُرقة والنزاعات الحدودية المستدامة.
لم يكن الملك عبدالعزيز من أولئك القادة الذين صنعهم الغرب لتحقيق أهدافهم السياسية والاستراتيجية، بل صنع نفسه، وبنى مجده، واسترد مُلك آبائه، ورسم مستقبله -بتوفيق الله وعونه- وبنى دولته مترامية الأطراف، بالرغم من التحديات والمؤامرات الغربية والعربية.
وهبه الله المُلك، والحكمة، والرؤية الاستراتيجية التي شكلت قاعدة البناء والنماء، وانطلاقة الدولة نحو المستقبل الذي نعيشه اليوم. وكلما زادت المملكة قوة ومنعة وازدهارًا تكالب عليها المتآمرون بخططهم القذرة، ومكرهم السيئ؛ فيبطل الله مكرهم، ويطفئ نارهم، ويزيد بلاد الحرمين منعة وقوة ونماء.
ستظل المملكة -كما كانت دائمًا- مستهدفة من قوى الشر باختلاف مرجعياتها. وهو استهداف موجَّه ضد الإسلام والمسلمين؛ كونها أرض الحرمين، وقِبلة المسلمين.
ولعل ما تعرضت له معامل أرامكو السعودية في بقيق وخريص جزء من مخطط الاستهداف الشامل للمملكة الذي ربما توزعت مدخلاته بين إيران والعراق واليمن وقطر، وهي مدخلات استخباراتية مرتبطة باستراتيجية ثابتة طويلة الأمد، أدرك قادة البلاد مكوناتها وأهدافها؛ فجاهدوا مستعينين بالله أولاً، ثم بولاء شعبهم، لمواجهتها بالحكمة والقوة والحزم، والعلاقات الدولية المتوازنة التي تكفل للوطن أمنه واستقراره.
أراد الأعداء كيد السعودية باستهداف موردها الاقتصادي الأهم، فشاء الله أن يتحول كيدهم إلى تمكين وقوة للمملكة وقادتها، وأن يعي العالم حجم تأثيرها في منظومة الطاقة العالمية، وأنها البنك المركزي للنفط العالمي.
انقلب السحر على الساحر، وباتت المملكة بالرغم مما أصابها القابضة على زمام الأمور سياسيًّا، قانونيًّا، أمنيًّا واقتصاديًّا، ولعل الأيام القادمة تكشف عن حجم القوة الذي تمتلكها المملكة في مواجهة التحديات، ومعاقبة كل من يهدد أمنها واستقرارها.
وبالرغم من التحديات تمضي المملكة في طريق بناء المستقبل على قواعد التاريخ؛ فتشق طريقها نحو تحقيق أهداف رؤية 2030 التي تشكل حلم التنمية الاقتصادية، والبناء، وتنويع مصادر الدخل والاقتصاد، والتحول الإيجابي الذي يبحث عنه الجميع.
يحتفي الوطن بيومه المجيد، ويحتفي به أبناؤه، فيخلدون ذكرى المؤسس -رحمه الله-، وأبنائه البررة من بعده، ويساهمون في بنائه وتنميته تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين. وكل ما أرجوه أن يتحول الاحتفاء باليوم الوطني إلى ممارسة حقيقية على أرض الواقع، يمتزج فيها العمل النافع المثمر بمظاهر الفرح والسرور. عندما يرتبط الاحتفاء والزهو بالعمل على مواصلة البناء والتطوير والنماء، وتكريس الأمن، والتخطيط الاستراتيجي، يحدث التوازن الأمثل الذي يجب أن يكون غاية وهدفًا لجميع المحتفين بيومنا الوطني المجيد.