ماجدة السويِّح
كان اليوم الوطني باحتفالاته هو الحدث الرئيس قبل عدة سنوات، لكن في السنوات الخمس الأخيرة أصبحت الإعلانات التجارية من أكثر المشاركات الجاذبة للجمهور.
أصبح الاهتمام المتزايد بتقديم محتوى إعلاني وإعلامي مميز من أولويات الجهات الحكومية والقطاع الخاص، فالغالبية تسعى لتخليد اسمها بمحتوى مميز، ورسائل إبداعية خلال اليوم الوطني التاسع والثمانين.
فرضت الرؤية 2030، الإصلاحات الاجتماعية، الاقتصادية، والتعليمية، حضورها في إنتاج محتوى يلامس قلوب الناس، ويرسم الفرح في يومنا الكبير.
ما يحدث من تزايد إقبال الجهات الحكومية والشركات والمؤسسات على المشاركة الإعلانية يذكرني بموسم الإعلانات المميز بأمريكا، والتنافس المحموم بين الشركات لإبراز الجهود، المنتجات، الخدمات في السوبر بول «Super Bowl «، الذي يعد أكبر حدث رياضي جماهيري لا يضاهيه أي حدث، وفقا لبلومبيرغ: الإعلان الذي لا يتجاوز 30 ثانية يكلف 5.2 مليون دولار، فقد تضاعف سعر الإعلان منذ بداية بث أول إعلان عام 1967، حيث كانت التكلفة لا تتجاوز 37.500 دولار لكل 30 ثانية.
التكلفة الفلكية للإعلانات سببها حجم المشاهدة الأضخم، حيث تقدر بنحو أكثر من 100 مليون مشاهد، وبعد ظهور الشبكات الاجتماعية تضاعفت عدد مرات المشاهدة، والتعرض المتكرر للإعلان.
ما نعيشه حاليا في يومنا الوطني هو «سوبر» الإعلان السعودي. السوبر الإعلاني السعودي اليوم بات أكثر وضوحا وحضورا بالأفكار، والابتكار في تصميم الرسالة، فالتفاعل مع المحتوى الإعلاني للسوبر السعودي الإعلاني فاق التوقعات والأرقام، ربما في السنوات المقبلة سنشهد مرحلة شبيهة بـ»السوبر بول» الأمريكي، من حيث الإنفاق والتواجد في هذه المناسبة المحلية العزيزة والمميّزة.
في الواقع تفاوتت الجهود التسويقية في المحتوى، فمنهم من نال الإعجاب والانتشار وعزز من وجوده وعلامته التجارية، بالمقابل هناك من نال الاستهجان والسمعة السيئة في تقديم محتوى غير ملائم للشريحة التي يستهدفها.
على سبيل المثال تصدرت «مايسترو بيتزا» المشهد برسالة تاريخية ووطنية تعليمية استهدفت شرائح متنوعة، تراوحت الرسالة بين إثارة الحنين لكبار ومتوسطي العمر، ورسم الدهشة والفخر والإعجاب على محيا المشاهد العاشق لتراب وطنه.
الإعلان الثري بالنماذج الوطنية الفريدة، يعد مرجعا ثريا لاسترجاع قصصنا التاريخية المنسية، لذا كان الإبداع والتميز في طرح رسالة قيمة من نصيب شركة «مايسترو» بلا منازع.
من الجهات الحكومية التي تميزت في تقديم إعلان عن جهودها ودورها الحاسم في صد السموم والمخدرات من الفتك بشباب وأمل الوطن، الجمارك السعودية التي أنتجت «فيلم أكشن» لامس قلوب شريحة الشباب الذين يميلون لمشاهدة الأفلام، واستهلاك رسائل غير مباشرة، فالفيلم الإعلاني رصد الصعاب بأسلوب جديد مبتكر.
على النقيض واجهت شركة ألبان سعودية نتيجة مضادة غير متوقعة، جراء طرحها مسائل خلافية وجدلية، لم يعتادها المجتمع السعودي، حيث واجهت دعوات المقاطعة واكتسبت سمعة سيئة بعد إعلانها المثير للجدل، مما اضطرها للاعتذار للجمهور للخروج من أزمتها غير المتوقعة.
طرح القضايا الجدلية في الإعلانات لها إيجابيات وسلبيات، من ضمن الإيجابيات استغلال القضايا لتحريك العواطف، وتعميق اتصالك بجمهورك الأساسي، والوصول لجمهور جديد.
ومع ذلك تتوقع العلامات التجارية التي تصنع إعلانات مثيرة للجدل أن تواجه رفضا من العملاء، لكن حينما يتوسع الرفض ليشمل عملائك الحاليين والمستقبليين بعد تناول قضايا اجتماعية حساسة، هنا تكون السلبيات تفوق الإيجابيات وتشكل تهديدا للولاء للمنتج، وللشركة من عملائها.
الحالة التي حدثت لشركة الألبان هي درس تسويقي هام لمن يخططون للمشاركة في السوبر الإعلاني السعودي القادم، في معرفة جمهورك، ومدى تقبلهم لطرح القضايا الجدلية لتسويق منتجك.
وأخيرًا..
كل عام ووطننا يعانق القمم..