خالد الربيعان
لن أتكلم عن ميسي أو رونالدو؛ فقد تعبت من عد وإحصاء الجوائز لهذين الكائنين الفضائيين! الكل يتكلم عن ميسي وفوزه بالكرة الذهبية للمرة الــ..! ولكن ما لفت نظري في حفل فيفا لجوائز «الأفضل» أن ميسي نفسه أعطى صوته للسنغالي «ماني»، وأعطى ترشيحه الثاني لمنافسه «رونالدو»! ولا أعرف هل هي ثقة شديدة في نفسه (ميسي) أنه حتمًا صاحب المركز الأول بغض النظر عن تأثير صوته، أم أنه كريم الأخلاق لهذه الدرجة؟
أيضًا أنت تتكلم عن «فيرجيل فان دايك» الذي حصل على المركز الثاني؛ ليكون أفضل مدافع في كوكب الأرض، وأغلاهم كذلك؛ ليحقق معادلة صعبة: أن تكون الأفضل في فئتك! فنيًّا وماليًّا.. فليس من السهل أن ترى «مدافعًا» يجلس بجانب رونالدو وميسي في حفل الاتحاد الأوروبي «يويفا» وحفل الاتحاد الدولي «فيفا»!
فان دايك ذو جنسية مزدوجة: أب هولندي وأم هي «روبي فان دايك» من «سورينام»! وهي دولة في أمريكا الجنوبية؛ لذلك ليس غريبًا أن يتوارث الطفل «فيرجيل» جينيًّا موهبة كروية خارقة؛ فسورينام على حدود البرازيل، ومن جاور السعيد يسعد!
كان مجنونًا بكرة القدم، وكان يلعب مهاجمًا! وهو بالمناسبة كان مركزه في بدايته بالدوري الهولندي في نادي «جرونينجن». كانت أسرته في حاجة للمال دائمًا؛ لذلك قام بتقليص حجم «جنونه» بكرة القدم؛ ليعمل في مطعم بهولندا، يسمى «العمة جين»! عمل في المطبخ غاسلاً للصحون، وتراه الآن في ليفربول يتحمل جنون مدربه العبقري «يورجن كلوب» الذي يصرخ معهم، ويصرخ فيهم، يحتفل معهم بالأهداف، ويكسر نظارته الشهيرة مرات عدة! كان التدريب على تحمُّل مدرب من هذا النوع هو مدير المطعم الذي يغسل فيه الصحون!
مدير المطعم هذا كان يوبخه دائمًا.. «ركز في عملك، ودعك من كرة القدم». ولأن «الممنوع مرغوب» دائمًا.. فلم يستمع المراهق لكلام مديره؛ يلعب كرة القدم كل يوم مهما كانت الظروف، ومهما كان «مجهدًا» بعد «نوبة» غسيل صحون، تصل إلى أن يغسل الصحن الواحد عشرات المرات على مدار اليوم. فيما بعد قامت الصحافة البريطانية بإجراء حوار مع هذا المدير الذي قال: «لم يستمع لكلامي، وكان له صوت داخله يأمره بلعب كرة القدم». ووصف «فان دايك» بأن ما أنجحه في المطعم والملعب معًا: هو صلابته الشديدة!
تلك الصلابة في المستطيل الأخضر نسميها «الجرينتا»، وقد كتبتُ عنها مرات عدة. تلك الصلابة جعلته يبدأ في نادٍ مغمور براتب لا يكمل ألف يورو شهريًّا.. ليصل لـ125 ألف باوند في المباراة! من نادي سيلتيك في اسكتلندا لليفربول العريق. يخسر نهائي دوري الأبطال أمام ريال مدريد في مباراة «راموس» الشهيرة.. ليفوز بالبطولة العام الذي يليه!
الجرينتا أو الصلابة.. أو النيران التي لا تنطفئ أبدًا في قلوب بعض اللاعبين، تُحقق ذلك. «دايك» أُصيب بمرض غريب في سن الـ17، كتب إثره «وصيته»! ثم يعمل غاسلاً للصحون بـ 3 يوروات في الساعة، ثم يقتل نفسه في التدريبات. يغيّر المدرب مركزه من المهاجم لقلب الدفاع، وينجح أيضًا!
يراه كشافو «ساوثهامبتون» في إنجلترا.. ويشترونه فورًا.. من 3 يوروات إلى 75 مليون باوند قيمة الصفقة. والآن قيمته السوقية 100 مليون يورو؛ ليحقق المعادلة الصعبة «جدًّا»، المعادلة نفسها التي لم يقدر على حلها سوى «ميسي» و»رونالدو»: التألق الفني والإنجازات، وأيضًا النجاح المالي في عالم اقتصاد كرة القدم؛ لذلك كان يجلس بجانبهما في الحفلين.. أم إن لك تفسيرًا آخر؟!
صوتك لمن؟
إذا كان هناك جائزة «The best» كالتي يقيمها الفيفا، ولكن لأفضل لاعب «سعودي» عن الموسم الماضي، فلمَن ستذهب؟ سؤال جميل و»وجيه»، رأيناه على السوشيال ميديا. رأيت الإجابات - وهي كثيرة - واجتمع أغلبها على اسمين هما: فهد المولد، وسالم الدوسري. وعن نفسي أعطي صوتي الأول لسالم؛ قوة وصلابة و»جرينتا»، وأهداف مؤثرة، و»خارقة الجمال»، كهدفه الشهير نهاية العام الماضي في كلاسيكو الكبيرين «النصر والهلال». هدف لم أرَ ميسي أو رونالدو يحرزان مثله.. أم إن لك رأيًا آخر؟!