مها محمد الشريف
إن الانتقام لا يعيش إلا داخل العقول القاصرة التي تتصرّف بحماقة، وتاريخ إيران يشهد بذلك، فقد هيأت لمستقبلها قدراً جديداً، انتهت به إلى عزلة موحشة، وقد عجلت بسيرها نحو المجهول في محاولة يائسة لإنقاذ نظامها الحاكم وكان ضمن خياراتها مواجهة العالم باستهداف السعودية وحقول النفط.
في مقابلة مع برنامج «60 دقيقة»، بثتها قناة «سي بي إس» شاهد العالم تغطية واسعة للقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي سجَّله للتاريخ قامت فيه الأقمار الصناعية بالقسط الأكبر من نشره وبثه، نطق الزمن بنتيجته وقدَّم ولي العهد السعودي سقوط إيران من أعلى مقامات القمة ودفن نفسها في حفر الإرهاب والإضرار الكبير بمنطقة الشرق الأوسط وكان أحد الأسئلة لسمو ولي العهد: ما تأثير وقوع حرب بين السعودية وإيران على المنطقة؟
فكان الرد كالتالي: «المنطقة تشكِّل تقريباً 30 في المائة من إمدادات الطاقة في العالم، وتشكِّل تقريباً 20 في المائة من المعابر التجارية العالمية، وتشكِّل تقريباً 4 في المائة من الناتج القومي العالمي. تخيّلوا أن تقف هذه الأمور الثلاثة؛ هذا معناه انهيار الاقتصاد العالمي كله، وليس فقط المملكة العربية السعودية أو دول الشرق الأوسط».
لقد جعلت إيران منها مفهوماً أكثر خطراً، فكانت مجالاً خصباً للإرهاب وحرب العصابات، حتى بلغت حدها الأقصى من العزلة وتهيأت لحرب هوجاء بمواجهة العالم ككل بعد العقوبات الأمريكية المفروضة، وهذا ما سيحولها في عيون العالم وشعبها إلى أحلام مغشوشة تعيش على أشواك المستقبل تحيط بها من كل الجهات الأسلاك الشائكة.
كانت ولا تزال تعزف على وتر الخوف من التدهور والانقلابات إلى أن يحين موعد سقوطها وحيدة وقد تخلّى عنها جميع الشركاء. بينما المملكة تتميز بحجم المشتركات السعودية الأميركية، فالمملكة شريك للولايات المتحدة الأميركية في محاربة الإرهاب، وإعادة الاستقرار للشرق الأوسط، وشركاء في استقرار أسواق الطاقة الدولية، في تأمين الملاحة الدولية، في محاربة الإرهاب في عموم إفريقيا وهذا ما أكده الوزير عادل الجبير.
وهكذا بات الشغف بالتوسع كارثة تنتظر طهران ومخططها حتى أصبحت تعيش في حالة تأهب قصوى، حيث أمر وزير النفط الإيراني بيجن نامدار زنغنة رسمياً، بوضع قطاع النفط ببلاده في «حالة تأهب قصوى» في مواجهة تهديدات بهجمات «مادية أو إلكترونية». ونشر زنغنة رسالة يعدّ فيها أنه «من الضروري أن تكون كل الشركات والبنى التحتية في القطاع النفطي في حالة تأهب قصوى في مواجهة تهديدات بهجمات مادية أو إلكترونية». وأوضح أن هذه الاحتياطات ضرورية في ضوء العقوبات الأميركية على إيران و»الحرب الاقتصادية الشاملة»؛ التي تتهم طهران واشنطن بشنّها ضدها.
وسواء كان ذلك التحذير صحيحاً أم لا، فإن نظام إيران رسم خارطة طريقه للنهاية ولم يكن بإمكانه المحافظة على الدولة ومؤسساتها بهذه النزعة الاستعمارية والتوسعية، هي الآن تكافح من أجل البقاء مدافعين عن بنية النظام الذي يستقوي بالجيش لينقذ نفسه من التفكك فاخترع الحرب.