د. حسن بن فهد الهويمل
عرفت الفقيد قبل (64) عاماً عندما كنا طلاباً بمعاهد (بريدة، وعنيزة)، وذلك حين نفَّذ المعهدان زيارات تعارف، أُقيم على هوامشها حفلات خطابية. كان شاباً - رحمه الله - في مطلع شبابه، يغشاه الصمت، والحياء، وطول التأمل.
بعدها تقطعت بنا السبل. اخترت العمل بالشهادة الابتدائية، واختار مواصلة الدراسة.
نلتقي مصادفة، وعلى غير ميعاد بين الحين والآخر:-
(ما أطيب اللقيا بلا ميعاد).
تفرقت الأجسام، والتأمت القلوب، حبه للكلمة: مكتوبة، ومقروءة زج به في أتون الإعلام الذي لا يرحم.
لقد كان عشقه، تألقاً، وتفوقاً، وإبداعاً.. وحلق في سماواته.
كان جاداً، يُحمّل نفسه فوق طاقتها.
وكنت أتحسس أخباره، وكأنني أباهي بصداقته؛ إذ كلما تبدت إبداعاته، وتحدث الناس عنه، قلت هذا صديق الطفولة. خرج من الإعلام، ودخل (مجلس الشورى)، وقضى فيه شطراً من كهولته، وأحسبها أخصب فترات حياته؛ إذ عكف على التأليف.
كان وفياً مع أصدقائه، ومع كبراء قومه، ورموز وطنه.. لقد غطى بمؤلفاته جوانب مهملة من حيواتهم الحافلة بجلائل الأعمال، ونقب في هوامش التاريخ عمن يستحقون متنه.
كتب أطرافاً من سيرته في سرديات عدة، كان أوفاها (مشيناها). وفيما سوى ذلك عرض للمآسي التي تلقاها بالصبر والاحتساب.
لقد كان مدرسة أخلاقية في الوفاء والصبر.
بعد أن فرغ لنفسه فرغ لأصدقائه القدامى. لقد قويت علاقتي به، وكثر تواصلنا، وما من كتاب له إلا ويحمل إهداء لي بخط يده.
رحمه الله رحمة واسعة. كان حاضراً في المشاهد كلها. آخر لقاء معه حين رغب المرور بي في فندق (كراون) لمرافقته إلى سبتية حمد الجاسر - رحمه الله -.
انقطع في آخر حياته للمحاضرات، والدراسات، وطباعة الكتب.
فوجئنا برحيله - رحمه الله - في حادث مؤلم، وتشبثنا بالدعاء، ولكنه رحل راضياً مرضياً إن شاء الله.
لقد ترك فراغاً في المشهد الأدبي، سيحس به لداته، ومجايلوه.
لم يكن مؤلفاً ولا كاتباً وحسب؛ كان محاضراً، وداعماً لكل المنتديات، والصالونات، وسائلاً عن أحوال زملائه، وزائراً.
بل كان قدوة حسنة في خلقه، ووفائه.
رحمك الله أبا طلال، وجبر مصاب الجميع، وستظل معنا بأعمالك.